المهرجان العربي للمسرح في أجواء احتفالية بحضور عدد من المبدعين المسرحيين العرب وتقديم الجوائز للمتوجين سواء في البحوث أو النصوص المسرحية للأطفال والكبار نهاية بالجائزة الكبرى للمسابقة الرسمية.العرب محمد ناصر المولهي [نُشر في 2018/01/18، العدد: 10873، ص(15)]صولو تنتصر للمرأة والذات كان الجمهور التونسي على موعد مع اختتام الدورة العاشرة من مهرجان المسرح العربي الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع وزارة الشؤون الثقافية التونسية بالعاصمة تونس من 10 إلى 16 يناير الجاري، والذي توجت فيه مسرحية صولو للمخرج المغربي محمد الحر بجائزة أفضل عرض مسرحي عربي. حفل الختام بداية حفل الاختتام كانت بعروض فرجوية في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس، تلاها تقديم العرض المسرحي “30 وأنا حاير فيك” للمخرج التونسي توفيق الجبالي من إنتاج مسرح التياترو، بالمسرح البلدي بالعاصمة. قدم الجبالي في عمله هذا مقتطفات من تجربته المسرحية الممتدة على أكثر من ثلاثين عاما، حيث يمكن اعتبار هذا العمل تمارين مسرحية تتجاور فيها مقاطع من مسرحيات الجبالي السابقة وخاصة “كلام الليل” في نسخها المتعددة، لكنها مطعمة بمواضيع راهنة، ما يجمعها هو نقدها الساخر واللاذع للمشهد السياسي والبنى الاجتماعية في تونس. العرض كان وفيا بأسلوبه الهزلي لمسرح الجبالي، الذي يعتمد في جل نصوصه اللعب بالمفردات، وقد قدم العرض مجموعة من طلبة الورشة المسرحية التي يقدمها الجبالي. بعد العرض كان الجمهور على موعد مع وصلة فنية للفرقة الوطنية للفنون الشعبية، أعقب ذلك تسليم جوائز مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للأطفال من قبل أعضاء لجنة التحكيم؛ المسكيني الصغير من المغرب وحمدي الحمايدي من تونس ومحمد ناصف من مصر، حيث توجت بالجائزة الأولى الكاتبة المصرية صفاء البيلي عن نصها “كوكب ورد”، فيما كانت الجائزة الثانية من نصيب العراقي ياس زويد عن نصه “كوكب النوايا الطيبة”، لينال ثالث الجوائز نص بعنوان “الحياة مرة أخرى” للجزائري حسن ملياني. أما مسابقة النص المسرحي الموجه للكبار فتكونت لجنة تحكيمها من كل من العراقي خزعل الماجدي والمغربي شعيب حليفي وعبدالفتاح قلعة جي من سوريا، حيث رأت اللجنة تتويج نص “النافذة” لمجد حليم قاسم من العراق بالجائزة الأولى، فيما نال درويش الأسيوطي من مصر الجائزة الثانية عن نص “الأقنعة والحمال”، لتكون ثالث الجوائز من نصيب الفلسطيني خالد خماش عن نصه “حارس أحجار الجنوب”.هذه الدورة من المهرجان قدمت على مدى ستة أيام 36 عرضا لـ27 مسرحيّة من 23 دولة وورشات مسرحية وندوات نقدية كما قدمت جوائز ثالث المسابقات التي يقدمها المهرجان الموجهة للبحوث العلمية المسرحية المخصصة للشباب، حيث نال الباحث السوداني أبوطالب محمد عبدالمطلب فضل الكريم الجائزة الأولى عن بحثه الموسوم بـ”حوارية الخطاب المسرحي”. وآلت المرتبة الثانية للمغربي عبدالله المطيع عن بحثه “من يتكلم المسرح؟” أما الجائزة الثالثة فقد نالتها المغربية تلكماس المنصوري عن بحثها “هل توجد كتابة درامية بين المؤلف والمخرج؟”. وكان ختام الفقرة الأولى بوصلة موسيقية ثانية لفرقة الفنون الشعبية قدمت فيها مشهدا راقصا ممسرحا من عمق التقاليد التونسية. الجائزة الكبرى بعد الفقرة الموسيقية الثانية التي تفاعل معها الجمهور، اعتلى إسماعيل عبدالله الأمين العام للهيئة العربية للمسرح خشبة المسرح البلدي، ليلقي كلمة ترحيبية بضيوف الدورة العاشرة لمهرجان المسرح العربي، ويذكّر بالدور المحوري للمسرح الذي يسميه “السيد النبيل”، متطرقا إلى أهمية هذه التظاهرة في دعم الخلق المسرحي والعناية بهذا الفن الذي يتميز بعلاقة خاصة تربطه بجمهوره. ونظرا إلى ارتباط المسرح الوثيق بالقضايا الاجتماعية والسياسية تطرق عبدالله إلى القضية العربية الأبرز اليوم ألا وهي القدس، مذكّرا بأنها أولى العواصم وستبقى عاصمة عربية على الدوام، داعيا إلى ضبط الساعة على توقيت القدس، كرد فعل على القرار الأميركي الأخير القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وبعدها قدم قرار لجنة التحكيم المسابقة الكبرى للمهرجان التي ترأسها الممثل والمخرج اللبناني رفيق علي أحمد، وتخلله تكريم وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين للهيئة العربية للمسرح، ليتم بعدها الإعلان عن المسرحية المتوجة بجائزة أفضل عرض مسرحي عربي “صولو” للمخرج المغربي محمد الحر. ومسرحية “صولو” من إنتاج فرقة أكون أو لا أكون للثقافة والفنون، وقد قدمت طرحا دراماتورجيا مقتبسا من رواية “ليلة القدر” للطاهر بنجلون، حيث تغوص عميقا في ذوات الشخصيات التي تطرحها، وخاصة وضع المرأة المحاصرة بالنظرة الدونية وقمع المجتمع الذكوري القائم في رؤاه على العادات والتقاليد البالية. وخاصة مسألة التطرف الديني، هذه الظاهرة التي كانت المرأة العربية أول المتضررين منها في جسدها بتحجيبه وفي ذاتها بتكميم صوتها وأفكارها. وقد فوجئ الكثير من المسرحيين بهذه النتيجة التي خضعت لمعايير لجنة التحكيم، منها البناء الدرامي وتوظيف التكنولوجيات الحديثة والتفاعل مع الجمهور، وهو ما اعتبره بعض المسرحيين التونسيين معايير تجاوزها المسرح الحديث، الذاهب إلى مناطق أخرى أبعد من حدود الدراما والشخصيات والخرافة، وأعمق من التوظيف السطحي للتكنولوجيا، فقط لأجل توظيفها. وهي معايير ظلمت وفق النقاد مسرحيتين مميزتين في هذه الدورة هما “الرهوط” للتونسي عماد المي و”ما بقات هدرة” تأليف وإخراج محمد شرشال، اللتين كان من المتوقع أن تنال إحداهما الجائزة، لكن تبقى قرارات لجنة التحكيم نسبية، والأهم في هذا كله هو استمرار المسرح فنا نبيلا مؤسسا.المهرجان قدّم ثماني ورشات تدريبيّة للمسرحيين العرب، إضافة إلى خمسة إصدارات تونسية محورها المسرح عروض وفعاليات شهدت الدورة العاشرة من مهرجان المسرح العربي على مدى ستة أيام تقديم 36 عرضا لـ27 مسرحيّة من 23 دولة اختارتها لجنة الفرز من بين 136 عرضا مسرحيّا، وتوزّعت العروض على خمسة مسارح بالعاصمة تونس، تابعها الجمهور بكثافة سواء في القاعات التي شهدت إقبالا كبيرا حيث كل العروض تقريبا تحقق حضورا كاملا، أو عن بعد عن طريق خدمة الربط المباشر التي قدمها المنظمون سواء للعروض المسرحية أو الجلسات النقدية أو الندوات الصحافية. كما قدم المهرجان ثماني ورشات تدريبيّة للمسرحيين العرب، إضافة إلى خمسة إصدارات تونسية محورها المسرح، ألا وهي كتب “المسرح التونسي…مسارات حداثة” لعبدالحليم المسعودي و”الارتجال في المسرح التونسي” لرياض حمدي و”خطاب الشخصيّة الهاشميّة في نصوص المسرح الجديد” لنسرين الدقداقي و”الإخراج المسرحي في تونس، حدود الائتلاف، وحدود الاختلاف” لحمّادي الوهايبي و”مسرح العبث في تونس” ليسرى بن علي. كما كرّمت الدورة وبالتناصف عشرة من روّاد المسرح، وهم دليلة المفتاحي وسعيدة الحامّي وفاتحة المهدوي وفوزيّة ثابت وصباح بوزويتة ومحمّد نوير وصلاح مصدّق وأنور الشعافي والبحري الرّحالي ونورالدّين الورغي.
مشاركة :