كثيرة هي الظواهر السلبية والآفات الاجتماعية الخطيرة التي تتفشى وتتفاقم في مجتمعاتنا العربية، التي تفتك بقيمه ومبادئه وحضارته، ومن هذه الظواهر والآفات النفاق الاجتماعي، وما يتركه من آثار ضارة تدمر ما تبقى لدينا من اخلاقيات. وأن تظهر الخير وتكتم الشر، وتذيع الحب والاحترام وتخفي الكره والبغض والحسد، والمنافق هو الشخص الذي يتسم بهذه الصفات لأنه يمتلك وجهين يظهر أحدهما حسب الموقف الذي يمر به، فالنفاق من أسوأ الصفات التي يتصف بها الشخص فهو ينشئ البغض والكره بين الناس، ويفرق بينهم، ويفتك بقيمهم ومبادئهم وحضارتهم، ومن هذه الظواهر والآفات النفاق الاجتماعي، وما يتركه من آثار ضارة تدمر ما تبقى لدينا من اخلاقيات. لقد اصبحنا نؤمن بالمظهر ونكفر بالجوهر، نحارب الصدق ونتعاطى الكذب. والكذب هو السائد في واقعنا حيث يتجسد النفاق الاجتماعي في الإعلانات الخادعة والدعايات الكبيرة والتهاني الاسبوعية وشكر الشخصيات الاعتبارية البارزة ذات الشأن والتأثير، ما يجري في مجتمعاتنا هو امر مؤلم وشيء محزن ومقلق، فقد خدعتنا المظاهر، وشدتنا المفاتن، واستبدت بالناس الانانية، واختفت روح الجماعة، وتلاشت المحبة والمودة الخاصة، وغاب الوفاء، واستشرى حب المال، وبات النفاق امراً طبيعياً، بينما صار الصدق مرفوضاً وعملة نادرة، ومن يسلك طريق الحق ويتبع الصدق نهجاً في عمله وتعامله وسلوكه وافكاره وقيمه ومبادئه هو انسان غريب وشاذ عن القاعدة، وفي بعض البلدان العربية يوصف بالأجدب وأماكن اخرى بالمغفل. إن أزمتنا المعاصرة تكمن في تفشي تلك الظاهرة لدرجة كارثية من الكذب الصريح، والنفاق الداعر، والمجاملة الممجوجة، وطمس الوقائع، وتزييف الحقائق، وتحريف الكلام عن مواضعه، حتى باتت تلك الظواهر لغة العصر، الأمر الذي أدى إلى انحدار القيم، وبسبب ذلك ساءت العديد من العلاقات الاجتماعية، وضاعت الكثير من الحقوق، وتعلمت الأجيال الخوف والجبن، وتجرعت ثقافة الخنوع والضعف والاستكانة. النفاق في التراث العربي: قال منافق في مدح الملك فاروق ملك مصر: «يا واحد العرب الذي أمسى وليس له نظير لو كان مثلك في الورى ما كان في الدنيا فقير...». قصيدة نفاق لأبو الطيب المتنبي، قالها في حاكم مصر كافور الأخشيدي عندما ضرب مصر زلزال مدمر. «ما زلزلت مصر من كيد ألمّ بها...لكنها رقصت من عدلكم طربًا». وقال ابن هانئ الأندلسي مخاطبًا المعز لدين الله الفاطمي: «ما شئت لا ما شاءت الأقدار.. فاحكم فأنت الواحد القهار». النفاق الإعلامي: عندما ينحرف الإعلام ويسود النفاق الإعلامي، حينها يتم تزييف الوعي العام الذي تمثل في حكم الحزب الواحد والرأي الواحد وهذا هو السر وراء تأخر الدول العربية لأنها غيبت كثيرا من العقول المبدعة عن المشاركة في صناعة القرار السياسي والتأثير في الشأن العام، فعاث فيها الإعلام المنافق خرابا وفسادا، وفق مخططات مرسوم لها بعناية، ويبقى النفاق الاعلامي من أخطرها وأشدها ضررا على الدول والشعوب.. هذا الداء العضال الذي يحتاج إلى مواجهة حقيقية، وامام هذه الكارثة الاخلاقية اللاانسانية، وهذا الواقع الاجتماعي البائس المتردي كم نحتاج الى الجرأة والمصداقية والمواجهة العنيدة ومحاربة كل مظاهر النفاق واجتثاثه من جذوره. لقد آن لمجتمعنا النهوض من سباته، بمثقفيه واكاديمييه، بالتنوير والتثقيف والتوعية والتنشئة الاجتماعية الصحيحة، بهدف التخلص من العادات والظواهر الاجتماعية الضارة التي تفتك به وتهدد مستقبله، بعد ان اصبحنا نؤمن بالمظهر ونكفر بالجوهر، نحارب الصدق ونتعاطى الكذب، والكذب هو السائد في الواقع العربي، حيث تسود العصابات الطائفية التي تحولت لمؤسسات ذات سيادة ونفوذ نتيجة لغياب العمل الجاد لبناء حياة مدنية عصرية على اسس جديدة يحكمه العقل والمنطق العلمي الذي يقوم على الصدق والنقاء والقيم الاخلاقية الحضارية والتعاليم الدينية الحقيقية. والمنافـق الاجـتماعي وصف مذموم يُـعـد منافيــاً لمبادئ والقيم الإنسانية، النفاق مذمومة وتدل على ضعف الشخصية، وهي حالة مرضية ونتيجة لعوامل الغيرة والتسابق من اجل المواقع والمكانة الاجتماعية والسياسية سواء في مكان العمل اوغيرها من اجل النفوذ والمركز الاجتماعي.
مشاركة :