النفاق كلمة مشتقة من نفق، والنفق هو ثقب في الأرض تحفره بعض الحيوانات وتجعل له فتحتين او اكثر للتمويه عند هروبها من اي خطر، لذا يسمى المنافق بذي الوجهين (بو ويهين)، من يظهر باطنه عكس الظاهر، ويسمى منافقا لثلاثة اسباب وهي: «من تحدث بالكذب، ومن اخلف بالوعد، ومن خان الوطن». يقول نجيب محفوظ في النفاق: «عجبت لحال وطني، إنه رغم انحرافه يتضخم ويتعظم ويتعملق، يملك القوة والنفوذ، يصنع الأشياء من الإبرة حتى الصاروخ، يبشر باتجاه إنساني عظيم، ولكن ما بال الإنسان فيه قد تضاءل وتهافت حتى صار في تفاهة بعوضة، ما باله يمضي بلا حقوق ولا كرامة ولا حماية، ما باله ينهكه الجبن والنفاق والخواء». هناك من يقول ان كلمة النفاق مأخوذة من: «النافِقاء، والنَّافِقاءُ هو المَخرجُ المستور لِجحر الجربوع، حيث إن لجُحرِهِ مَخرجين، مَخرج ظاهر يسمى القاصعاء، ومخرج آخر غير ظاهر مستور بالتراب يسمى النافِقاء، وهذا المخرج يستخدمه الجربوع في الحالات الطارئة للهروب من المهاجمين، ولدى استخدامه لهذا المخرج يقال: نافق الجربوع، أي استخدم النافِقاء». إن تمويه الحقائق عن صناع القرار، والسلطات العامة معناه الخيانة الوطنية، التي يتسبب فيها المنافقون الإنتهازيون، والمتملِّقون لمن كان في مركز القرار وعنده أخطاء كبرى ومغالطات، لكن بطانته المنافقة يصوبون قوله وفعله حتى يوصلوه إلى مراتب العصمة، فيبقى على خطئه، ويستمر على أوهامه. في عالم النفاق الاجتماعي تحجب الحقائق عن المسؤولين، لذا تنحدر البلاد نحو الفوضى والسخط العام، وهي من سمات التخلف والفقر والتفكك الإجتماعي، ويكفي ان المنافق قد ضمن مصالحه، فلا يعنيه حال أحد من بعده. المنافقون من منظور اجتماعي: يخطئ من يعتقد أن التحولات الاجتماعية تتحقق برغبات ذاتية لهذه الفئة أو تلك من الجماعات السياسية، ولكنها تتحقق من كونها ضرورة موضوعية مرتبطة ارتباطا وثيقا ببيئاتها الزمنية، وبشروط حدوثها. المنافقون هم جماعة تختزل المصلحة الوطنية والعامة خدمة لمصالحها الذاتية بالتملق والتضليل والمديح المزيف للوزير والمسؤول لغايات ذاتية. إن الحديث عن النفاق الاجتماعي تتبع صورها الظاهرة والباطنة، فان مواجهة النفاق الإجتماعي من القضايا ذات الأهمية للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والحفاظ على الاستقرار السياسي، ويحتم على كل مواطن توخي حماية المصالح الوطنية وحماية الأوطان من الدخلاء ومن الثقافات الطائفية والتخريبية، كذلك النفاق عامل من عوامل الفتن الداخلية والخارجية، من خلال الشائعات التي تعمل على تدمير أساسيات التوافق الاجتماعي، وتشويه سمعة البناء السياسي والاقتصادي، من خلال اشاعة الفتن الطائفية في محاولة لهدم ما تم بناؤه من إنجازات وطنية، فالمنافق لن يتردد عن اتباع كل السبل لغايات شخصية فهو مؤمن بخيانته الوطنية، ومن سمات المنافق الكذب والاحتيال والتضليل واشاعة الفوضى، عندما يظهر بسلوك وبمظهر خلافا لما يظهره في الباطن، وهي حالة من حالات موت الضمير، ونوع من تحقيق الأهداف بطريقة غير شرعية مثل الإنسان الذي يظهر ولاءه لوطنه ويتآمر عليه في الباطن، وهو جزء مهم من الفساد المؤسسي والمجتمعي وإضاعة الحقوق، حيث لا يواجه المنافق المسؤول عنه ولا يقدم له النصيحة ولا ينكر الخطأ ولا يقول رأيا مخالفا، ولا يكف عن هذا النفاق الاجتماعي وحجب الحقائق وإدخال المسؤولين في الوهم. ان النفاق الاجتماعي من الأمراض الاجتماعية التي تؤثر على مسار الأمم وحضارتها، وتتسبب في انهيار المجتمعات، وإصابتها بالخلل والشلل الذي يعوق تقدم وتطور حياة الناس، ومن أخطر هذه الأمراض الاجتماعية عندما يغزو مرض النفاق الاجتماعي المجتمعات النامية. والمنافق عمومًا مذموم ومنبوذ، والمنافقون مكروهون مزيفون، وإذا نظرنا في مسيرة التاريخ الإنساني لوجدنا أن النفاق هو العامل الأخطر في تقويض الدولة، لأن النفاق يدب كالمرض الذي يفتك في جسد المجتمع، وقد لا يشعرون به إلا وهم جثة هامدة، انهارت قواهم، وفقدوا مناعتهم، بما أحدثه من نقص في المناعة، وهذا بالضبط ما يحدثه النفاق في وحدة الشعب والوطن، حيث يجعله جثة هامدة عن طريق إحداث الفتنة والاضطرابات والفرقة، والعمالة مع أعداء الوطن في هدم المكتسبات الوطنية.
مشاركة :