هكذا تنهض الثقافة في أوروبا بقلم: محمد حياوي

  • 1/19/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الإنفاق السنوي العام على الثقافة في هولندا يبلغ حوالي 900 مليون يورو، أي ما يعادل 0.8 بالمئة من الموازنة العامة للدولة و0.4 بالمئة من الإنفاق العام.العرب محمد حياوي [نُشر في 2018/01/19، العدد: 10874، ص(14)] لا توجد وزارة للثقافة على نحو خاص في هولندا، إنما تشرف وزارة اسمها “وزارة التربية والتعليم والثقافة والعلوم” على إدارة الثقافة بشكل أو بآخر، إذ تنحصر مهمتها بإنشاء صناديق دعم الأنشطة الثقافية التي تمول بعض المشاريع الثقافية على أساس طلبات المنح، وتدير هذه الصناديق هيئات مستقلة تضع لها سياسات مناسبة بعيدا عن تأثيرات الحكومة وتوجهاتها. وتوجد في هولندا ستة صناديق رئيسية لدعم الثقافة تمول سنويا من الميزانية الوطنية بشكل مباشر، هذه الصناديق هي: صندوق دعم الفنون (61 مليون يورو) ويدعم مؤسسات الفنون والفنانين في مجالات الرقص والمسرح والموسيقى والاستعراض، صندوق دعم الفيلم الهولندي (35 مليون يورو) ويدعم مشاريع الأفلام والمهرجانات السينمائية والتطوير والتدريب على صعيد التقنيات السينمائية الجديدة. مؤسسة موندريان للفنون التشكيلية (18 مليون دولار يورو) وتدعم مشاريع التراث الثقافي والمتاحف ومعارض الفنانين التشكيليين والمحفوظات والمكتبات، صندوق دعم الثقافة (18 مليون يورو) ويدعم المبادرات المبتكرة في مجال ثقافة الهواة والثقافة الشعبية، المؤسسة الهولندية للآداب (10 مليون يورو) وتدعم مشاريع الكتّاب والمترجمين والناشرين، وصندوق تحفيز الصناعات الإبداعية (2 مليون يورو) ويدعم المشاريع الثقافية في مجال الهندسة المعمارية والتصميم والثقافة الإلكترونية والألعاب والفيديو. وتستلم هذه الصناديق هبات ومنحا أخرى كثيرة من الشركات الكبرى وكبار المانحين، وهناك بالإضافة إلى ذلك العشرات من صناديق الدعم الصغيرة التي تمول من شخصيات عامّة أو عائلات ثرية ومنظمات أوروبية وجهات داعمة. ويبلغ الإنفاق السنوي العام على الثقافة في هولندا حوالي 900 مليون يورو، أي ما يعادل 0.8 بالمئة من الموازنة العامة للدولة و0.4 بالمئة من الإنفاق العام. أما في ألمانيا فيتلخّص دور الحكومة ثقافيا في صيانة المتاحف والمنشآت الثقافية ودعم السينما وتحسين وحماية شروط العمل الثقافي، ومنها قوانين الملكية الفكرية والحفاظ على التراث الثقافي، وتنوع الثقافة وتمويل مؤسسة “دويتشه فالي” التي تعد الذراع الثقافية للدولة، وطريقة عملها تشبه إلى حد كبير طريقة عمل صناديق الدعم في هولندا. ولا يوجد وزير ثقافة في ألمانيا، لكن يوجد وزير مفوض من الحكومة لشؤون الثقافة والإعلام، وهو ممثل الحكومة فيما يتعلق بالشأن الثقافي داخليا وخارجيا، ويعمل معه 210 من الموظفين فقط، وهو المسؤول المباشر عن الأرشيف القومي والمعهد القومي للثقافة والتاريخ. ومن مهام مفوض الثقافة الأساسية الحفاظ على المنشآت الثقافية الألمانية وصيانتها، ومن واجباته دعم المنشآت الثقافية ماليا. وتبلغ ميزانية الدولة للثقافة حوالي 1.2 مليار يورو، تذهب منها 270 مليون يورو إلى مؤسسة “دويتشه فالي”، و200 مليون إلى مؤسسة التراث الثقافي، و100 مليون لحماية الآثار التاريخية، و100 مليون يورو لمشروعات البنية التحتية الثقافية. أما في فرنسا فيتلخص دور وزير الثقافة والاتصالات الفرنسية في الإشراف على المتاحف والآثار، ويرعى ويحمي الفنون والآداب بكل أنواعها، ويدير الأرشيف الوطني والمراكز الثقافية، ويتولى الحفاظ على الهوية الفرنسية. الوزارة الفرنسية الحديثة صاغها الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول في العام 1959، وأول وزير للثقافة وقتها بعد الحرب العالمية كان الأديب أندريه مارلو، الذي طبّق ما جاء في الدستور الفرنسي “حق الجميع في الثقافة” فأسس المراكز الثقافية في جميع أنحاء فرنسا، ودعم الفنون بكل أنواعها. وفي عهد الرئيس فرنسوا ميتيران تولى وزارة الثقافة جاك لانج الاشتراكي اليساري والسياسي والقانوني المعروف في الأعوام 1981 إلى 1986، ومن 1988 إلى 1992، الذي فتح المجتمع الفرنسي على جميع ثقافات العالم بمختلف اتجاهاتها، ومن أشهر تصريحاته “الثقافة والاقتصاد معركة واحدة”، وقام بتفعيل رعاية الحكومة للفنون وطبّق مبدأ ديمقراطية الثقافة عمليا. كاتب عراقي محمد حياوي

مشاركة :