المستوى العام والقمم - د.محمد ناهض القويز

  • 10/16/2014
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

لكل مؤسسة وإدارة وشركة مستوى عام للأداء يتناسب طرديا مع فاعلية الأداء فكلما كانت الفاعلية عالية ارتفع المستوى العام للأداء، وكلما انخفضت الفاعلية انخفض مستوى الأداء، وفي الحالتين تكون هناك قمم يمثلها وجود أشخاص مميزين يفوقون قرناءهم بغض النظر عن مستوى المؤسسة العام. مثل هؤلاء الأشخاص المميزين موجودون في كل مؤسسة. ولكن على المؤسسة ألا تعتمد على وجود مثل هؤلاء فقط بل تنهض بمستوى أدائها ليتحقق الهدف المطلوب مع إعطاء المتميزين حقهم المادي والمعنوي. ومن هنا يمكن أن نتصور المستوى العام للأداء كخط الأفق، وأداء المميزين عبارة عن ارتفاعات متفرقة على ذلك الخط تبدو كالقمم المتفاوتة بالارتفاع حسب فاعلية الأداء. وكلما قل الفارق بين القمم والمستوى العام مع ارتفاع كليهما اقتربت الفاعلية والإنتاجية من التميز، وارتفعت قدرة المؤسسة على المنافسة. في المقابل قد نرى الفارق كبيرا جدا بين قمم الأداء الفردي للمتميزين، وبين المستوى العام مع تفوق واضح لهؤلاء الأفراد على المتوسط العام حتى لو رسمناه بيانيا لظهر لنا كالجبال السامقة في صحراء قاحلة. ولا يمكن أن نعرف الفرق بين الحالتين إلا من خلال آليات القياس المعتمدة لمعرفة فاعلية الأداء والانتاجية. ولكن المؤسف هو غياب آليات القياس عن الكثير من مؤسساتنا. فلو سألنا أنفسنا كم مؤسسة أو دائرة أو شركة تمتلك آليات القياس وتعتمده في تقييم أداء أفرادها لربما فوجئنا بأن الغالبية لاتمتلك شيئا من ذلك. ولن نفاجأ بعدها بأن الحكم على الأداء هو حكم عاطفي انطباعي تؤثر فيه كل العوامل الخارجية فيأتي مخالفا للواقع حُسنا أو قبحا، مجحفا قد يهضم حق المتميز ويكافئ المقصر. بل قد تلتبس الأمور على القائمين على تلك المؤسسات فيطالبون مرؤوسيهم بزيادة حصصهم كماً، دون النظر إلى الكيف أو إلى نسبة الإشغال لكل فرد، ما قد يؤدي إلى نتائج عكسية تتمثل في كثرة الأخطاء وزيادة الإحباط والقرب من حافة الانهيار الوظيفي. ولا شك أن هذا يعتبر مرضا مؤسساتيا خطيرا تظهر أعراضه على الموظفين على شكل إحباط متزايد وعام يصاحب ذلك ترديد عبارات سلبية عن المؤسسة ورموزها وتكثر الإشاعات بين الموظفين حتى تصبح هي الحديث اليومي بين الموظفين. كما تظهر في عدم وجود ثقافة العمل الخاصة بالمؤسسة أو تآكلها إن كانت موجودة من قبل. ثم تبدأ العدوى تسري بين الموظفين فيفقد المخلص إخلاصه بفعل ما يحيط به من وضع مختل، وفي أحسن الأحوال يحد من مشاركته وتفاعله مع المؤسسة أو برامجها إلا في أضيق الحدود التي يقنع فيها نفسه بأنه سيؤدي واجبه فقط. ومن الجُمل الشائعة للتعبير عن هذه الحالة السلبية بين الموظفين"سأستقل مقعدا خلفيا".

مشاركة :