يسرى السيد يكتب: السجن الكبير !!

  • 1/25/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

السجن انواع وانواع وانواع… ·        منها المكانى:  المحدود وراء القضبان …و الامحدود خارج القضبان ·        ومنها الزمانى : المحدود فى فترة اوحقبة زمانية محدده  ….أو الا محدود فى الماضى كله !! §        وعندما تعيش فى زمن  مسخ وتتعامل مع اشخاص  بلا ملامح ومكانا ليس لك … يكون هناك سجنا من نوع جديد…  يجمع بين مختلف اشكال السجون بقسوتها  وظلامها … وهو مايعيشه الكثيرون الآن وانا منهم … يصف شاعرنا الكبير احمد عبد المعطى حجازى هذا السجن بقوله  : “لي ليلة فيهِ وكلّ جيِلنا الشهيدْ عاش لياليهِ فالسجن باب، ليس عنه من محيدْ!! والسجن ليس دائما سورا، وبابا من حديدْ فقد يكون واسعا بلا حدودْ كالليل.. كالتيهِ نظل نعدو في فيافيهِ حتي يصيبَنا الهمودْ” ·        أسير انا حبيس وراء قضبان وطن عربى كان وطنا لى وليس لاعدائى ويعيش اهله فى أمن وسعادة حتى لو كانوا فقراء … اختلس النظر من   من وراء القضبان لتصدمنى الحرائق والمؤامرات والخيانات هنا وهناك !!·        أسير أنا وحبيس وراء قضبان زمن العزة والكرامة والعروبة والقومية والحرية والتحرر من قيود الاستعمار مع جيفارا وناصر ومانديلا ومحرر العبيد ، وما اكثرالعبيد فى الماضى والآن .. سجن آخر يصفه وينتقل بنا اليه  شاعرنا عبد المعطى حجازى:- “وقد يكون السجن جَفنا، قاتم الأهداب نرخيهِ وننطوي تحت الجلودْ نجتر حلمَ العمرِ في صمت، ونخفيهِ والساق سجن، حين لا تقوي علي غير القعودْ يشدها مكانها.. والقلب ترميهِ مراميهِ !لعالم يعطي المني، ولا يزيدْ وأن نعيشَ دون حبٌ ، دونَ إنسانِ ودودْ نغلِق أبوابَ البيوتِ خلفنا لأن أرضاً لا تضمّ أهلَنا ليست لنا والوجه إن لم يحتفل بنا بدا مسطحا.. بلا خدودْ ضاعت معانيِهِ فلم يعد فيهِ باب يقودنا لدفئه البعيدْ مِنْ أين آتيهِ حبي الوحيدْ من أين آتيهِ والليل يغلق الحدودْ!! ·        طعم البيوت والشوارع !! ولأن للبيوت والشوارع فى السجن الكبير طعم مختلف … تعالوا نتذوقه مع من يسكب المراره فى الحلوق اقصد الشاعر عبد الرحيم منصور: ” طعم البيوت في الشوارع.. طعم الشوارع بيوت الخطو طالع وراجع.. بيتولد ويموت علي الطريق وش غربة.. وخطو مالوش صاحب والوقت ميت في تربة.. والتربة ما ليها صاحب  نعم ..غرقت في رباعيات شاعرنا الراحل الذي لم يأخذ حقه حتي الآن مثله مثل الكثيرين الذين لم يصنعوا لانفسهم جوقة تنشد لهم وتملأ الدنيا صخبا حولهم ..اقصد الشاعر الراحل عبد الرحيم منصور. وسبب احتمائي به انني شعرت منذ فترة انني وقعت في الأسر..  هل تشعر مثلي بان الدنيا تضيق حولك؟.. و هل تشعر مثلي بانك أسير وراء سجن بقضبان لا مرئية لا تستطيع الفكاك منها بعد ان هدك الوجع والزمن؟ §        أسير أنا وحبيس وراء القضبان مع جلال “أم كلثوم” وفخامة “محمد عبد الوهاب” والفجر الذي لايطلع له شمس “فيروز” ودلع “شادية” وحنية “فايزة” و”صدق” عبد الحليم حافظ و شبابيك محمد منير وحلاوة علي الحجار ومن يدور في زمانهم.. §        أسير أنا وحبيس وراء قضبان موسيقي ونغمات رياض السنباطي ومحمد القصبجي وبليغ حمدي ومحمد الموجي وكمال الطويل ومن يدور في موسيقاهم… **وآه  يا عم عبد الرحيم منصور.. “سيبوني أمشي لوحدي .. سيبوني أتوه عريان … الدنيا توب علي قدي.. پوما أطقش أنا الغطيان “ §        أسير أنا وحبيس وراء قضبان تماثيل واعمال محمود مختار والسجيني الي محمد العلاوي ولوحات سعيد و ومصطفي الرزاز ومن يدور مع ريشتهم وأزميلهم!! §        أسير أنا وحبيس وراء القضبان مع “آهات” بيرم التونسي و”مسحراتي” فؤاد حداد و”رباعيات” صلاح جاهين و”حراجي القط ووجوه علي شاطيء” عبدالرحمن الابنودي و”صياد وجنية” سيد حجاب ومرسي جميل عزيز و”شباكنا ستايره حرير” وحسين السيد و”اجري اجري” ومن يبحر في بحور اشعارهم. §        أسير أنا وحبيس وراء قضبان المتنبي و بؤس ابي العلاء المعري و أحمد شوقي وامارة الشعر التي لم يجرؤ احد علي الاقتراب من عرشه رغم رحيله منذ عقود طويلة و”اطلال” إبراهيم ناجي واحلام الفارس القديم “صلاح عبد الصبور” ومدينة بلا قلب وأحمد عبدالمعطي حجازي ولاتصالح “امل دنقل” وعطروعشق النساء الساكن في نزار قباني وجرح فلسطين النازف في قلب محمود درويش ومن يسير علي دربهم. §        أسير انا حبيس وراء قضبان مدينه بلا قلب وأحمد عبد المعطي حجازي: “يا عمّ.. من أين الطريقْ؟ .. أين طريق “السيدة”؟ .. أيمنْ قليلا. ثم أيسر يا بنَيىْ ..قال.. ولم ينظر إليى! ..وسرْت ياليلَ المدينة ..أرقرق الآهَ الحزينة .. أَجرّ ساقي المجهدة للسيدة §        أسير أنا وحبيس وراء قضبان عوالم الف ليلة الي ثلاثية نجيب محفوظ واولاد حارته ويوسف ادريس وارخص ليالي والطيب صالح وموسم الهجرة الي الشمال وعبدالرحمن منيف مع مدن ملح اصابتنا جميعا بالتيبس والفشل الكلوي ويحيي حقي قنديل ام هاشم الذي انار سجني وايام طه حسين التي فكت اسره من ظلام ممتد. §        أسير أنا وحبيس وراء قضبان عوالم محفوظ عبد الرحمن وبوابه الحلواني واسامة انور عكاشة وليالي الحلمية وساقية عبد المنعم الصاوي ومرورا بدراما تليفزيونية شكلت فصلا جديدا غير مسبوق.. حقا مدينة بلا قلب: بلا نقود. جائع حتي العياءْ بلا رفيق ..كأنني طفل رمته خاطئة ..فلم يعره العابرون في الطريقْ ..حتي الرثاء! §        أسير أنا وحبيس وراء قضبان سينما تشكلت من ضعف فاتن حمامة واغراء هند رستم وعبقريه أحمد زكي وخفة دم عادل امام ودريد لحام وكأسك يا وطن مع محمد الماغوط و وعار وكيف محمود عبد العزيز وعلي عبد الخالق واسماعيل ياسين الذي اقترنت افلامه باسمه وزينات صدقي وكتاكيته بني وعمر الشريف لورانس العرب ونجيب الريحاني الضاحك الباكي مع مخرجين عباقرة من عينة ارض صلاح ابوسيف و”مصيريوسف شاهين وناصره ” الناصر صلاح الدين ” وسائق اتوبيس البريء “عاطف الطيب:  واشارة مرور محمد خان وايامه مع السادات ·        نعم مدينة بلا قلب حقا يا استاذ حجازى : إلي رفاقِ السيدة ..أجرّ ساقي المجهدة ..والنور حولي في فرحْ ..قوس قزحْ ..وأحرف مكتوبة من الضياء ….حاتي الجلاء.. ..وبعض ريحي هيْنِ. بدء خريف ..تجر ذَيَلَ عقصة مغيَمة ..مهَوىمه ..علي كتفْ ..من العقيقِ والصدفْ ..تهفهف الثوبَ الشفيفْ ..وفارس شدَّ قواما فارعا. كالمنتصِرْ ..ذراعه. يرتاحْ في ذِراع أنثي. كالقمرْ ..وفي ذراعي سلة. فيها ثيابْ! .. §        أسير أنا وحبيس وراء قضبان مع مسرح فؤاد المهندس ومحمد صبحي ومغناطيس نعمان عاشور وفرافير يوسف ادريس ومحمود دياب وا لغرباء لا يشربون القهوة والفريد فرح وسعد الله ونوس والملك هو الملك وماري منيب ومن يلعب علي خشبتهم. §        أسير أنا وحبيس وراء قضبان قلم محمد حسنين هيكل ووثائق ووقائع وعمر وعلاقات متشابكة وكلمات انيس منصور التي تسرقك بجمالها ورشاقتها حتي تشعر انه نشلك ولم يعطك شيئا ومنطق أحمد بهاء الدين وسلاسة أحمد سلامة وثقافة كامل زهيري وثراء محمد التابعي وجزاله وعنف عباس محمود العقاد وحملات نعمات أحمد فؤاد واحسان عبدالقدوس ومن يدور في فلك الحروف الرصاص حتي حروف الكي بورد وكومبيوتر لم يلحقه هؤلاء ·        حقا مدينة بلا قلب ووجوه بلا ملامح وزمن مسخ : والناسُ يمضون سِراعا ..لا يَحْفلون ..أشباحهم تمضي تباعا ..لا ينظرونْ ..حتي إذا مرى الترامْ ..بين الزحامْ ..لا يفزعونْ ..لكنني أخشي الترامْ ..كلّ غريبي ههنا يخشي الترام! ..وأقبلتْ سيارة مجنحة ..كأنها صدر القدرْ ..تقل ناسا يضحكون في صفاءْ ..أسنانهم بيضاء في لون الضياءْ ..رؤوسهم مرنَّحة ..وجوههم مجلوة مثل الزَّهرْ ..كانت بعيدا. ثم مرت. واختفت ..لعلها الآن أَمامَ السيدة ·        تري هل هناك سجن مع كل هؤلاء؟ ·        تري هل الأسر والحبس مع هؤلاء متعة ام يغور الحبس ولو كان في قصر من ذهب؟ اشعر بمرارة الحبس وانا لا اتذوق الاغاني الجديدة ولا استمتع بقصيدة لاتعترف بموسيقي او وزن او ايقاع “.اشعر بمرارة الحبس وانا لا استمتع بفيلم ممتليء بشتائم وايحاءات تطعن قلبي وتمزق وجداني وتجرحني امام بناتي وتخجلني امام زوجتي !! ·        حقا مدينة بلا قلب ووجوه بلا ملامح وزمن مسخ : ولم أزلْ أجرّ ساقي المجهدة! ..والناس حولي ساهمونْ ..لا يعرفون بعضَهم.. لا يعرفونْ ..هذا الكئيبْ ..لعله مثلي غريبْ ..أليس يعرف الكلامْ؟ ..يقول لي.. حتي.. سلام! ..يا للصديقْ! ..يكاد يلعن الطريق ..ما وجهته؟ ..ما قصته ..لو كان في جيبي نقودْ! ..لا.. لن أعودْ ..لا لن أعودَ ثانيا بلا نقود. ·        اشعر بمرارة الحبس وانا لا اعرف اسماء ممثلين جدد او ادباء جدد او موسيقيين بنغمات لا استسيغها.. اشعر بمرارة الحبس وانا انفر من شتائم علي صفحات جرائد تجعلني اهرب الي الكبار وراء القضبان اللامرئية التي سجنت وراءها..اشعر بمرارة الحبس وانا لا استطيع بسهولة تكوين صداقات جديدة واجدني اتذكر او استشهد بمقولات او مواقف اصحاب رحلوا حتي انني ضبطت نفسي متلبسا بقول الله يرحمه اكثر من 100 مره في قعدة واحدة ل100 صديق رحلوا ·        حقا مدينة بلا قلب ووجوه بلا ملامح وزمن مسخ : يا قاهرة! ..أيا قبابا متخمات قاعدة ..يا مئذنات ملحدة ..يا كافرة ..أنا هنا لا شيءَ. كالموتي. كرؤيا عابرة ..أجرّ ساقي المجهدة ..للسيدة! ..للسيدة! هل كل الاصدقاء رحلوا ومن بقي حبس مثلي وراء قضبان لا يستطيع الفكاك منها؟ ·        ومع صلاح جاهين يكون الالم والوجع مع عجبي: سمعت نقطة ميه جوه المحيـــــــط..بتقول لنقطه ما تنزليش في الغويط..أخاف عليكي م الغرق .. قلت أنا.. ده اللي يخاف م الوعد يبقي عبيط….عجبي !! ** هل كل الكتابات والابداعات رحلت ولم تعد تحت اسماء ووجوه جديدة؟ أنا قلبي كان شخشيخة أصبح جَرس….جلجلت به صحيوا الخدم والحرس….أنا المهرج .. قمتو ليه خفتو ليه.. لا فْ إيدي سيف ولا تحت مني فرس.. عجبي!! وأعود لشاعرنا الكبير احمد عبد المعطى حجازى فى سجنه الذى يأتـى فى فبراير الذى أعيشه الآن وعاشه هو من قبل : “فبراير الحزينْ قلنا انتهي.. فلن يعودْ اغتاله سبتمبر الماضي علي أبوابِنا فما خرجنا نمنع المسكينَ من أيدي الجنودْ لكنه عاد إلينا.. فالزمانْ ليس إذن مثلي جبانا أيها الأخ الجبانْ أين سنخفي حين نلقي وجْهَه وجوهنَا؟ ماذا نقول عندما يسألنا؟ وكلٌ عام حين يأتي.. كلَ عامْ ماذا نقول عندما يسألنا؟ وكلٌ عامنا حرامْ ومرٌ وجهه الحزينْ يرنو إلي أطفالِنا فيجهشون بالبكاءْ ويمسحون عن ثيابه مراحل الشتاءْ ويتبعون بالعيون سيره إلي دمشقْ من يرحم الشهرَ النبيلَ وهو رَاحِل وحيدْ بغير جندِ، أو نشيدْ “ ·        هل العدم هو السيد ونحن نعيش بدون كل هؤلاء ؟ هل الموت علي الابواب بعد ان ارسل لي كل هذه الجيوش من المسخ والتفاهة والخونة والعملاء واخوانهم لتسجننى وراء قضبانهم وتفرض على كل انواع الحصار المرئى والامرئى  لتسهل مهمته في اي لحظة يقرر هو؟ ·        وآه ياعم جاهين : “ضريح رخام فيه السعيد اندفن….و حفره فيها الشريد من غير كفن.. مريت عليهم.. قلت يا للعجب.. الاتنين ريحتهم لها نفس العفن….عجبي!! “

مشاركة :