وأنا اجدّف بمجدافين من ألم في نهر تلك الرواية؛كنت اعتبق من فيض الإنسانية العالمية وقراءة التفاصيل الدقيقة ..تلك التفاصيل التي لن يقف عندها إلا أديب موهوب ،كنت أفكر.. كيف لتلك الرواية التي اجتازت صفحاتها 218 صفحة تقريبا أن تخلو من القبل والسرير والرقص المثير كما في الروايات العربية!! وكيف لتلك الرواية أن تكتنزكل ذلك الكم من الإنسانية والخيال وملامسة الواقع بشفافية !! الأم في الاسلام نالت حقوقها ؛ وأصرت التعاليم القرآنية والسنة النبوية وأكدت على حقها بل وقرن الله جل وعلا طاعة الوالدين بعبادته ..لذلك فمفهوم المسلمين للبر بالوالدين يختلف عنه في الثقافات الأخرى التي تدعو لاستقلالية الأبناء ووضع حدود حاسمة مع الوالدين بحيث يشعران بالخجل أن أثقلاعلى أبنائهما مما يجعلهما يعانيان الأمراض والوحدة دون أن يشعرا بالظلم.. ويبقى المسرح متاحا واسعا للإنسانية التي لاتحدها ثقافة ولا قوانين.. الأم هي الأم بكل تجليها ورقيها أياما كانت طائفتها البيولوجية اوديانتها أوثقافتها وبيئتها ..وكذلك الأب والأخوة ..كما أن الفرح والحزن والذكريات وأمتعة الراحلين والدموع المسفوحة في الخفاء هي هي ولكن هناك أنامل تلمسها ببراعة وكأنك في مصنع شرقي للصناعة الدقيقة والأنيقة كذلك كانت الروائية الصينية كيونق سوك شين في رواية ارجوك اعتنِ بأمي ..تساءلت لماذا نجد الأديب العربي يراوغ فوق الورق ،يمسح ويشطب ،يقدم ويؤخرويدعي أنه يحقق ما يطلبه الجمهور المكبوت ..ويحرص على زيادة مبيعات رواياته بمضمونها المخزي بين السرير وبدلة الراقصة أو فتاة ماجنة و ليالي مسعورة وكؤوس سكر ،فتخرج من دهاليز بعض الروايات وقدكرهت نفسك .. خرجت من رواية (ارجوك اعتن بأمي ) باكية ،أقبل أما رحلت ذات زمن بعيد وأتلمس أمومتي وكل الأمهات واتدفق انسانية ومواجهة بإيمان وواقعية لسنة الحياة ..بعيدا عن الأبراج العاجية وقاطنيها قريبا من الشارع ووجوهه العابرة التي تعلم أنها تحمل بعض ما تحمل
مشاركة :