يقول محمود درويش: إن النهاية أخت البداية فاذهب تجد ما تركت هنا في انتظارك. هذه المقولة كانت استراتيجية الهلاليين في لقائي ما قبل نهائي آسيا مع العين الإماراتي، فهنا أحسنوا استقباله وفي شباكه تركوا وديعة قوامها ثلاثة أهداف لساعة العسرة، إن ضاقت السبل وغادروا لخوض لقاء الإياب في مباراة كان شعار الخصم فيها: «نعم نستطيع في إنذار بالهجوم بلا هوادة والقتال لانتزاع ما يريدون بلا يأس» ولم لا فالكرة لا تعرف كبيراً ومن يخلص لها تأته طوعاً أو كرهاً. وحدث ما توقعه الهلاليون ضغط متواصل ولم تمض 10 دقائق من المباراة إلا والعين يسجل في مرماهم ويضغط لتسليم الوديعة لأهلها، على رغم محاولات التهدئة التي نجم عنه إضاعة الكثير من الفرص السهلة، ولكن ناصر الشمراني أبى إلا أن ينمي وديعة ناديه بهدف الأمان الذي صعّب من مهمة العين مع ضيق الوقت المتبقي على رغم تسجيل هدف ثان وفوزه باللقاء، لكنه فوز بلا قيمة ليعود الهلال للرياض ويجد وديعته في انتظاره بمحصلة نهائية قوامها أربعة أهداف، وبها يطير على جناح الشوق إلى المباراة النهائية على كأس القارة بعد طول نأي وجفاء، وقد يجمع الله الشتيتين الهلال والكأس بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا. ليلة فرح عاشتها جماهير الزعيم أيقظت خلالها التاريخ من سباته الطويل، وأعادت أمامه شريط ذكريات مجد الهلال الآسيوي التليد، صارخة بصوت عال: السابعة لنا. حلم الهلال في تقلد ذهب القارة من جديد تقف في وجهه عقبة كؤود اسمها ويسترن سيدني الفريق الأسترالي حديث التأسيس (2012)، قوي البأس وعادة مجهولي الهوية ليس لديهم ماض يفتخرون به، حيث لا يوجد في سجل النادي سوى بطولة دوري واحدة، لذا هم مشغولون بكتابة الحاضر والمستقبل، ومن يظن أن الخبرة لها دور في النهائيات واهم لأن الأمور هنا أوضح مما يعتقدون فهم يريدون تدوين أسمهم في سجل البطولات الشرفي، ووراء ذلك أسباب نفسية واقتصادية كثيرة، ومن تتبع مسيرة هذا الفريق في البطولة يدرك ذلك، فقد تعامل الكل معه بشيء من عدم التقدير والاحترام على اعتبار حداثة تأسيسه ومشاركته، لكنه صعقهم فأقصى بطل النسخة السابقة ووصيفه، وتجلى ذكاء مدربه في الاستفادة من مباريات الذهاب وحماية مرماه بكل السبل، ثم استغلال فرص الإياب وتسجيل هدف، لذا على الهلاليين أن يفيقوا ويوقفوا مد الفرح العاتي، فأمامهم معركتان حاسمتان، فإعلان التأهل يجب أن يعني رفع درجة الاستعداد الفني والنفسي للون الأحمر، فالقادم أصعب وأقوى ولا يصل للنهائي ضعيف أو محظوظ، وكل ما حققه الهلاليون في أدوار البطولة من نتائج رائعة سيصبح بلا قيمة إن لم يتوج الفريق بالكأس، والكأس تريد في الملعب روح اللاعبين وعلى قدر أعوام البعد تكون التضحية والبذل، ومن رأى لعب الهلال مع الشباب في الدوري حتماً سيوقن أن حملة التخدير قد آتت أكلها وتشرّب بها اللاعبون حد الثمالة، ولا بد من إفاقتهم قبل وقوع الكارثة، فآسيا تريد العزيمة الصادقة، فهي القوة الإضافية التي إن حضرت يخر دون مداها اليأس والوجل وسيدني.
مشاركة :