يبدو أن لأوضاع سوق العمل في البلدان الأخرى أثرا متناميا في تحديد الأجور في أي اقتصاد، وهو ما يشير إلى الأدوار التي يمكن أن تؤثر من خلالها مخاطر نقل المصانع إلى مواقع أخرى عبر الحدود أو زيادة العرض الفعلي للعمالة على مستوى العالم في سياق من التكامل الاقتصادي الدولي الأوثق. تتفاوت الأدوار النسبية لتراخي سوق العمل ونمو الإنتاجية عبر البلدان المختلفة. ففي الاقتصادات التي لا تزال معدلات البطالة فيها أعلى بكثير من متوسطاتها السابقة على الركود الكبير "مثل إيطاليا والبرتغال وإسبانيا"، يمكن أن تفسر البطالة المرتفعة نحو نصف التباطؤ في نمو الأجور الاسمية منذ عام 2007، حيث يشكل العمل بدوام جزئي غير طوعي مزيدا من العبء على نمو الأجور. ولذلك فمن غير المرجح أن يتحسن نمو الأجور إلى أن يقل التراخي بدرجة مؤثرة ــــ وهي نتيجة تتطلب استمرار السياسات التيسيرية لدعم الطلب الكلي. وفي الاقتصادات التي بلغت معدلات البطالة فيها مستوى أقل من المتوسطات السابقة على الركود الكبير "مثل ألمانيا واليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة"، يمكن أن يشكل نمو الإنتاجية البطيء نحو ثلثي التباطؤ في النمو الاسمي للأجور منذ عام 2007. ولكن، حتى هنا، يبدو أن العمل بدوام جزئي غير طوعي يشكل عبئا على نمو الأجور، ما يشير إلى أن التراخي في سوق العمل أكبر مما تعكسه معدلات البطالة الكلية. وسيكون من المهم تقييم درجة التراخي الحقيقية في هذه الاقتصادات عند تحديد الوتيرة الملائمة للخروج من مرحلة السياسات النقدية التيسيرية. وتشير أبحاثنا أيضا إلى أن تباطؤ نمو الأجور حدث في سياق التغيرات الأوسع نطاقا في سوق العمل. فعلى سبيل المثال، حتى زيادة العمل بدوام جزئي غير طوعي ترجع في جانب منها إلى ضعف الطلب الدوري. وبالتالي، فمن شأن السياسات التيسيرية التي تساعد على زيادة الطلب الكلي أن تخفض هذا النوع من العمل. غير أنه يرتبط أيضا بعوامل بطيئة الحركة مثل التحول إلى النظم الآلية، وتراجع توقعات النمو متوسط الأجل، وتزايد أهمية قطاع الخدمات. بعض هذه التطورات تمثل التغيرات المستمرة في العلاقات بين الشركات والعاملين التي تعكس التحولات الأساسية في الاقتصاد ـــ مع ظهور "اقتصاد العربة" gig economy وانكماش القطاعات التقليدية كالصناعة التحويلية. ولذلك فقد يحتاج صناع السياسات إلى تكثيف الجهود لمعالجة مواطن الضعف التي تواجه العاملين بدوام جزئي. ومن أمثلة الإجراءات الممكنة في هذا الصدد توسيع تغطية الحد الأدنى للأجور في الحالات الحالية التي لا تغطي العاملين بدوام جزئي، وتأمين المساواة مع العاملين بدوام كامل عن طريق إتاحة الإجازات السنوية والعائلية والمرضية على أساس تناسبي، وتحسين التعليم الثانوي وبعد الثانوي لتعزيز المهارات على المدى الأطول.author: جي هي هونج - تشوكا كوتسان - ويتشنج ليان - مالهار نابرImage:
مشاركة :