لاقى تبنّي مجلس الشيوخ البولندي قانوناً يجرّم استخدام عبارة «معسكرات الموت البولندية» لدى الإشارة إلى معسكرات أقامتها القوات النازية بعد احتلالها بولندا، تنديداً داخلياً وإسرائيلياً وأميركياً وأوروبياً واسعاً. ولم ينتظر المسؤولون الإسرائيليون توقيع الرئيس البولندي أندريه دودا على القانون ليدخل حيز التنفيذ (كان تعهد بالتدقيق في بنوده)، ليشنّوا حملة قاسية على التشريع الذي رأوا أنه «يشكل محاولة فاشلة لنكران الحقيقة التاريخية»، وقابلوه بتقديم مشروع قانون في الكنيست يفرض عقوبة السجن خمس سنوات «على كل من يقلل أو ينكر دور من ساعدوا النازيين في الجرائم المرتكبة ضد اليهود». وكان مجلس الشيوخ البولندي صادق ليل الأربعاء- الخميس على نص قانون يفرض غرامة مالية ويعاقب بالسجن حتى ثلاث سنوات أي شخص ينسب إلى «الأمة أو الدولة البولندية» جرائم ارتكبها النازيون في بولندا المحتلة، ما حشد مواقف الإسرائيليين المنددة. وقال الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية عمانوئيل نحشون في بيان، إن بلاده «تعارض القرار في شكل قاطع وتبدي قلقها البالغ إزاء كل محاولة لنكران الحقيقة التاريخية. لن يستطيع أي قانون أن يغير الحقائق». وتوالت ردود الفعل الإسرائيلية الرافضة لمشروع القانون البولندي، ووصل الأمر بوزير النقل إسرائيل كاتز إلى مطالبة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو باستدعاء السفير الإسرائيلي في بولندا للتشاور. وأتى إقرار القانون بُعيد ساعات من إبداء الولايات المتحدة «قلقها» إزاء التشريع الجديد، ودعوتها بولندا إلى «إعادة النظر» فيه. وحذّرت الناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت من «تداعياته على مصالح وارسو وعلاقاتها الاستراتيجية، بما في ذلك مع الولايات المتحدة وإسرائيل»، مؤكدة أن الانقسامات المحتملة بين الحلفاء «لا تفيد إلا منافسينا». واعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في تغريدة على «تويتر» أن «واضعي هذا القانون روّجوا في العالم بأسره لهذا الافتراء المشين كما لم يفعل أحد في السابق»، فيما اعترض الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو على أحكام القانون «المنحازة كلياًَ وغير المقبولة على الإطلاق». وفي وارسو، وقّع حوالى مئة فنان وصحافي وسياسي عريضة تطالب بتعديل القانون عبر إلغاء تجريم العبارات المهينة لبولندا. ونشرت جماعة يهودية بولندية كتاباً مفتوحاً اعتبرت فيه أن التشريع الجديد «قد يقود إلى تجريم من يقولون الحقيقة في شأن المخبرين والمواطنين البولنديين الذين قاموا بتصفية اليهود»، محذرة من أنه «يحدّ من حرية التعبير ويؤدي إلى تزوير التاريخ».
مشاركة :