لغز سوتشي في قلب القيصر الروسي بقلم: فاروق يوسف

  • 2/2/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ما يفكر فيه بوتين هو شيء، وما يفكر فيه السوريون هو شيء آخر، وليس لزاما على بوتين أن يفكر نيابة عن سوريي الحكم والمعارضة معا.العرب فاروق يوسف [نُشر في 2018/02/02، العدد: 10888، ص(8)] مؤتمر سوتشي كان غامضا من حيث الهدف منه حتى بالنسبة للمشاركين فيه. أما بالنسبة لمَن قاطعه من السوريين فإن الأمور أخذت منحى لا علاقة له بحقيقته. لقد سجل المقاطعون نقطة في المكان الخطأ. ذلك لأن حضورهم، لو أنهم حضروا، كـان من شأنه أن يكون شبيها بحضور الآخرين، مجردا من أيّ قيمة تُذكر كما أن غيابهم لم يؤثر في شيء. كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد خطط لمؤتمره في المنتجع الروسي ليكون مظلة تحتمي بها شعوب سوريا بعيدا عن المفاوضات الأممية التي لم تُفض حتى اللحظة إلى نتيجة تبشر بشيء من الأمل. لم يكن الغرض من لقاء سوتشي أن يكون بديلا لجنيف كما فهم البعض من المعارضين. من السذاجة التفكير في أن يوما واحدا من مهرجان احتفالي تحضره شخصيات لا خبرة لها بدهاليز السياسة وألغازها يمكن أن يحقق اختراقا عجزت منظمة الأمم المتحدة عن تحقيقه في أوقات سابقة. لم يكن اليوم السوري في سوتشي ماراثونياً. فما من أحد ينتظر شيئا لافتا ومرئيا. بوتين نفسه لن يكون جادا في الإجابة على سؤال من نوع “ما الذي يمكن أن يربحه السوريون من ذلك اليوم المعقّد والطويل والمليء بالخطابات المتناقضة؟”. وإذا ما كان هناك مَن خفّض من سقف التوقعات فلأنه وقع في الفخ. ذلك لأن مؤتمر سوتشي كان من غير سقف. ولكنه لم يكن خطة عبثية إذا ما وضعناه في مكانه التاريخي. وهو ما يعني استبعاد فكرة أن ينحصر المؤتمر في حدود البحث عن حل للمسألة السورية. ما يفكر فيه بوتين هو شيء، وما يفكر فيه السوريون هو شيء آخر. وليس لزاما على بوتين أن يفكر نيابة عن سوريي الحكم والمعارضة معا.لا أحد في إمكانه أن ينكر أن روسيا حسمت الصراع الدامي والكارثي في سوريا لصالحها لا من خلال الإبقاء على الحكومة السورية في دمشق فحسب، بل وأيضا، وهذا هو الأهم، من خلال احتواء سوريا باعتبارها منطقة نفوذ أساسية لها في المنطقة ما أنجزته روسيا على الأرض في سوريا في وقت قياسي عجز الغرب كله (الولايات المتحدة ووكلاؤها في المنطقة) عن إنجازه. لا أحد في إمكانه أن ينكر أن روسيا حسمت الصراع الدامي والكارثي في سوريا لصالحها لا من خلال الإبقاء على الحكومة السورية في دمشق فحسب، بل وأيضا، وهذا هو الأهم، من خلال احتواء سوريا باعتبارها منطقة نفوذ أساسية لها في المنطقة. ولو لم يكن ذلك هو الهدف لما نسقت روسيا مع إسرائيل بما يضمن أمن الدولة العبرية وتحييدها في الصراع. كان ذلك التمهيد مهما من أجل أن يعلن فلاديمير بوتين رعايته لشعوب سوريا. لذلك لم يكن حضور المعارضة والحكومة ضروريا في مؤتمر سوتشي. فكرة يسيرة لم يفهمها المعارضون الذين وصلوا إلى مطار سوتشي واعترضوا على وجود علم سوريا في شعار المؤتمر. لو لم يكن ذلك العلم موجودا لكانوا جزءا من الطبخة. ولكن ذلك الاعتراض لا يمثّل بالنسبة للروس إلا أمرا ثانويا. لم يكن المعترضون إلا رقما ناقصا يمكن تعويضه أو نسيانه. فالهدف من ذلك المؤتمر سيظل غامضا. غير أن التكهن الأقرب إلى الواقع يمكن أن يدلنا إلى حقيقة أن بوتين أراد من خلال ذلك المؤتمر أن يعلن سيادته على سوريا من خلال اعتراف شعوبها بذلك. أكان الرئيس الروسي في حاجة إلى توقيع المعارضة على بيانه؟ يمكن لبوتين أن يستغني عن جميع الأطراف بما فيها الحكومة السورية. فالصراع الذي خاضه الروس ولا يزالون لا يتعلق بتحديد مَن يحكم سوريا، أو الكيفية التي يتم من خلالها ذلك الحكم. تلك الأمور وإن شكّلت جوهر الصراع السوري – السوري فإنها بالنسبة للروس جزء من الماضي الذي تم طي صفحته. ما يفكر فيه الروس يتعلق بمستقبل وجودهم في روسيا. وهو ما دعا الرئيس فلاديمير بوتين إلى استقدام ممثلي شعوب سوريا، حسب تعبيره، لتقديم البيعة من خلال الاعتراف به رجل الحل الذي كان مستحيلا. لقد أساء المعارضون فهم سوتشي حين اعتبروه خطوة منحرفة في طريق التفاوض. كاتب عراقيفاروق يوسف

مشاركة :