مدن الألعاب ضرورية للتغلب على الخوف الغريزي للطفل بقلم: فيصل عبدالحسن

  • 2/4/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مدن الألعاب ضرورية للتغلب على الخوف الغريزي للطفل من أكثر وسائل المعرفة التي يحصل عليها الطفل ما يبهره ويلفت نظره، ويجعله يسأل الكبار عن الأشياء التي لفتت انتباهه، لذلك تعتبر مدن الألعاب من أبواب المعرفة الضرورية للأطفال بأعمار 3 ــ 13 سنة، فهي تتيح للطفل رؤية يمتزج فيها الواقع بالخيال، وتجعله يعيش الجو الكرنفالي، الذي يعتبر مزيجا من الأصوات والضحكات، والصراخ الطفولي والأضواء الملوّنة، والحركة المنتظمة، لآلات كبيرة، فيرى فيها سحرا عجيبا يبهره.العرب فيصل عبدالحسن [نُشر في 2018/02/04، العدد: 10890، ص(21)]أماكن الألعاب بوابة للاكتشاف والمعرفة التجربة الجديدة تحقق للطفل الكثير من الأحلام، كالطيران والقفز لمسافات طويلة وقيادة سيارات واعتلاء ظهور حيوانات خيالية. وقد أضافت له الألعاب الإلكترونية رؤية مخلوقات أسطورية صورها له خياله سابقا، مما روي له من قصص الأمهات والجدات. فيرى من خلال هذه الألعاب البصرية والحركية ما يظنه واقعا فعليا، فيوسع ذلك من معرفته الشفوية برؤية بصرية حقيقية توسع خياله وتعطيه الجرأة للمزيد من الخيال والابتكار. وقد وجدت دراسة أميركية أعدتها "جمعية علم النفس الأميركية" أن التجارب الجديدة التي يخوضها الطفل تضيف لخبراته، وجرأته في الابتكار، وتجعله أكثر اجتماعية، ومفعما بحب الحياة والآخرين، وجعلت ميدان بحثها أمكنة اختارتها الجمعية بدقة. شملت الدراسة 50 طفلا من مختلف الشرائح الاجتماعية، وتم تقسيمهم إلى خمس مجموعات بأعمار تراوحت بين 3 و13 سنة، ونظمت زيارات مختلفة لمدن الألعاب، والمراكز العلمية، والمتاحف، والغاليرات، والمسارح في أوقات إجراء البروفات واستوديوهات تصوير الأفلام السينمائية أثناء العمل. أشرف على الدراسة الباحث النفسي الأميركي مارك بلبوم، وتوصل إلى أن "مدن الألعاب التي تخلط بين البهجة والاكتشاف أكثر الأمكنة تأثيرا على نفسية الطفل، وجعله تواقا للاكتشاف، والابتكار ومحبا لغيره، وميالا للتفوق والمنافسة والتحدي".مدن الألعاب التي تخلط بين البهجة والاكتشاف أكثر الأمكنة تأثيرا على نفسية الطفل، وجعله تواقا للابتكار ومحبا لغيره، وميالا للتفوق والمنافسة والتحدي واقترحت في السياق نفسه ماري إبرستاد الباحثة الأميركية في علم النفس في أحد فصول كتاب لها موضوعه عن غربة الأطفال وتدني خيالهم بسبب غياب الأبوين في العمل، حلولا لمعالجة هذه الغربة، ومنها "اصطحاب الأولاد بين فترة وأخرى إلى أمكنة ألعاب جماعية للأطفال كي ينفسوا فيها عن ضيقهم، وغربتهم، ويوسعون خيالهم بما يرونه في هذه الأمكنة من مبتكرات ميكانيكية، وكهربائية وإلكترونية، مما يزيد في بهجتهم، ويضيف إليهم بوابة جديدة للاكتشاف والمعرفة". وفي مقال للباحث أندرياس لانجه نشر في موقع لجماعة ألمانية تدافع عن تطوير قدرات الطفل الفكرية والابداعية "أن شتى الألعاب الفكرية أو العضلية والإلكترونية التي يمارسها الطفل، هي ضرورة لنموه العقلي والفكري. وتتيح له تنمية قدرته على التواصل مع الآخرين، وتنمي مهاراته اللغوية، وتوسع مداركه وحواسه. وترفع قدرته على الخيال، خصوصا الألعاب الإلكترونية. وبالنتيجة يصير أكثر انفتاحاً على المجتمع، ويتمكن من استيعاب حركة التطور في المجتمع". ومن جانبها أكدت الباحثة الأميركية الدكتورة كارلي دوتش من جامعة توليدو في بحث لها نشر بمجلة نيويورك تايمز سنة 2010 أن “الألعاب بمختلف أنواعها، ابتداء من "سكة الموت" و"طريق الإلتواءات" و"القرص الطائر"، و"القطار السريع"، بالإضافة إلى الألعاب الميكانيكية والأراجيح الكهربائية، والكثير غيرها في مدينة والت ديزني للألعاب، فيها فوائد نفسية وإدراكية للطفل، كإثارة البهجة لديه، وروح الحماسة، وتعطيه سعة الخيال". وتستطرد دوتش قائلة "لكنها تعرضهم أيضا إلى صدمات نفسية، خصوصا عند حدوث حوادث مؤسفة يروح ضحيتها بعض الأطفال بسبب سوء صيانة هذه الألعاب أو لخطأ ما من الطفل أو مشغل الآلات". وتضيف دوتش "هناك أيضا مخاطر الإدمان على الألعاب الإلكترونية، والتي يجب ألا يتجاوز لعب الطفل بها أكثر من ساعة، لكي لا تحدث له تشويشا في تمييزه بين الواقع الافتراضي والواقع، ويبقى بسبب ذلك يفضل الواقع الافتراضي أكثر من الواقع"..مخاطر الإدمان على الألعاب الإلكترونية، والتي يجب ألا يتجاوز لعب الطفل بها أكثر من ساعة، لكي لا تحدث له تشويشا في تمييزه بين الواقع الافتراضي والواقع وفي هذا السياق يقول جمال نوري متخصّص بصيانة الألعاب الميكانيكية إن "مدن الألعاب قليلة في الدول العربية، وقديمة، وهي بالمناسبة يجب أن يتم تغييرها كل عشر سنوات، لكنها ببلداننا لا تبدل إلا نادرا بعد 15 أو 20 سنة. وأغلبها أقيم في مناطق محددة من العواصم، ومراكز المدن الكبيرة، وبسبب بعدها وغلاء تذاكر الدخول، قلة من العائلات تواظب على الحضور مع أطفالها إلى هذه الأماكن، ويقتصر زخم الحضور عادة في الأعياد وبعض المناسبات". ويقول نوري موضحا “هي بالتأكيد مفيدة للأطفال، ويكفي ما تثيره فيهم من بهجة وفرح، وتحرك فيهم روح المنافسة خصوصا الألعاب الخطيرة، كالدولاب الأفعواني. وفيه عربات تدور على سكة ملتوية بسرعات كبيرة، والقرص الطائر، الذي يكون على شكل قرص فضائي يحلق عاليا بركابه، وينزل بهم، وينقلب 180 درجة في حركة اهتزازيّة. ودولاب الهواء الكهربائي، الذي يصعد براكبيه إلى أعلى، ويهبط بسرعة". ويبين الباحث الاجتماعي يوسف حنون "لقد ثبت أن العديد من الألعاب التي كان يمارسها الآباء والأجداد في طفولتهم، وتعتبر اليوم تراثيّة، كانت تمارس لحاجات نفسية، واجتماعية لأطفال ذلك الزمن، فهي تمثل فرصة لاكتساب المهارات اليدوية، وكذلك بناء روح المنافسة لديهم، وجعلهم ينفتحون على أترابهم، والتعامل معهم كما لو كانوا في حلبة صراع، وهي توطئة لمستقبل هؤلاء الأطفال عندما يكبرون لممارسة حياتهم". وتابع قائلا "ما جلبه التطور في وسائل اللعب في زمننا الحاضر مسألة طبيعية ستضيف للأطفال خبرات ومهارات وروح التحدي للتغلب على الخوف الغريزي لديهم من المجهول، وهم بحاجة إلى كل هذه المعارف لمواجهة تحديات المستقبل". وأفاد مختصون في علم نفس الطفل أن اللعب يعتبر حاجة أساسية للأطفال لأنه يساعد على نموهم بشكل متوازن من الناحية الاجتماعية والفكرية والنفسية، كما أن الأطفال يمتلكون طاقة حركية كبيرة لا يستطيعون التعبير عنها إلا باللعب. وأشاروا إلى أن مدن الملاهي لها فوائد تعليمية كثيرة، نظرا لأنها تكسب الأطفال خبرات جديدة عن طريق الألعاب، كما أنها تساهم في تعرفهم على البيئة ومحتوياتها. كما أنها تزود مهارات الطفل وتكسبه قدرات عضلية وحركية ومعرفية يحتاجها، وتساهم في تنمية ذكائه وتوسع قدرته على حل المشاكل التي تواجهه، وينمي لعب الطفل في مجموعات الجانب الاجتماعي ويخلق لديه مهارات اجتماعية.

مشاركة :