السوق والنفط الصخري في 2018

  • 2/13/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

د. محمد الصياد نجاح منتجي النفط في رفع سعر البرميل بفضل الخفض المنسق للإنتاج، أعطى دفعة جديدة من اليقين المالي لشركات إنتاج النفط الصخري لمعاودة الاستثمار من جديد في الحفر.هل سيفسد النفط الصخري الأمريكي من جديد التعافي الذي أضحت عليه أسعار النفط منذ أن نجح المنتجون الرئيسيون في أوبك وخارجها، أوبك بقيادة السعودية وغير أوبك بقيادة روسيا - أكبر منتجي النفط في العالم، في امتصاص التخمة النفطية في السوق عبر اتفاقهم على إحداث خفض منسق في الانتاج بلغ اجماليه 1.8مليون برميل يومياً؟.هذا ما تخشاه أوساط منتجي ومصدري النفط في العالم، وهم يرقبون يومياً ما ستؤول إليه تطورات صناعة الاستخراج النفطي الصخري في الولايات المتحدة هذا العام. ومع اختلاف التقديرات بشأن النمو المتوقع في المعروض النفطي، فإن الجميع متفقون على أن العرض النفطي سيشهد هذا العام صعوداً. فبحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA)، فإن إنتاج النفط في الولايات المتحدة سيتخطى هذا العام حاجز الـ 10 ملايين برميل يومياً، وهو رقم قياسي مقارنة بإنتاج سنة 2017 الذي وصل إلى 9.782 مليون برميل يومياً. بينما قدّرت وكالة الطاقة الدولية حجم النمو في المعروض النفطي من جانب المنتجين خارج أوبك ب 200 ألف برميل يومياً، وإن نمو العرض النفطي من خارج أوبك سوف يتخطى ارتفاع الاستهلاك العالمي من النفط.وفي حين أدى نجاح منتجي النفط في رفع سعر برميل النفط بفضل الخفض المنسق للإنتاج، فإنه أعطى دفعة جديدة من اليقين المالي لشركات إنتاج النفط الصخري لمعاودة الاستثمار من جديد في الحفر. ووفقاً لاستقصاء أجرته «بلومبيرج لتمويل الطاقة الجديدة» على 53 شركة حفر في أمريكا الشمالية، فإن منتجي النفط الصخري تعاقدوا للعام الجديد على صفقات مسعرة وسطياً عند 48.95 دولار اعتباراً من الربع الثالث من العام.ومع ذلك، ففي حين يتوقع عدد من المشتغلين في بورصات البترول الدولية، بأن يرتقي النفط الصخري الأمريكي لمقابلة الطلب العالمي على النفط في العام الجديد، فإن هنالك عدداً آخر من المرتبطين بالسوق، يرون أن حيز الحركة بالنسبة له سيكون محدوداً لبعض الاعتبارات، من بينها، كما يقول على سبيل المثال بنك أيه بي إن أمرو، أن الزيادة في الإنتاج النفطي الصخري لن تتجاوز ما بين 700 ألف - إلى 800 ألف برميل يومياً. وأي اندفاع لتجاوز حدود هذا السقف، سوف يصطدم بتحديات من قبيل ارتفاع التكلفة الإنتاجية والتكلفة المالية (تمويل عمليات الحفر والإنتاج).وتجدر الملاحظة أيضاً هنا إلى أن التكوينات الجيولوجية ل«إيجل فورد» بجنوب تكساس تشهد تراجعاً في الاستخلاص النفطي (Oil recovery)، بما في ذلك تراجع إنتاج الآبار التي تم حفرها مؤخراً، وذلك نتيجة للاستنزاف الهائل لحقل هذا الحوض، ما دفع شركات إنتاج النفط الصخري العاملة في هذه المنطقة إلى تكثيف حفر الآبار بصورة غزيرة لوقف تدهور حصاد البئر. كما أن الشركات العاملة في «تكوينات بكين» النفطية (Bakken Formation)، وهي جزء من حوض ويليستون (Williston Basin)، والتي تشمل امتداداتها ولايات مونتانا وداكوتا الشمالية - قد واجهت صعوبات في زيادة إنتاجها الذي تراجع بشكل كبير مقارنة بما كان عليه في عام 2014. علماً بأن هيئة الأبحاث الجيولوجية الأمريكية الحكومية (US Geological Survey) تقدر حجم الخزين النفطي في هذا الحوض بحوالي 3.65 مليار برميل، ما يجعله أكبر حقول النفط الأمريكية.والمعروف أن إنتاج آبار حقول النفط الصخري تتميز بغزارة إنتاجها في الأشهر الأولى، لكن سرعان ما يبدأ إنتاج البئر في التراجع، ما يفسر قيام المنتجين باستمرار بحفر مزيد من ما تسمى الآبار الرديفة (Infill wells) على مقربة من ما تسمى الآبار الأم (Parent wells) لوقف تدهور إنتاجها، وكذلك الحرص على سرعة الاستعانة بتقنيات الحفر الجديدة مثل أدوات الحفر المتشعبة والطويلة (Longer Laterals)، والإفراط في استخدام السوائل (المياه والكيماويات خصوصاً) لتشديد الضغط على النفط المحبوس داخل الآبار، والإفراط أيضاً في استخدام تقنية التكسير الهيدروليكي (Hydraulic cracking) وذلك بإحداث كسور وشقوق في الصخور والتكوينات الصخرية من خلال حقن البئر بمزيج من الرمال والمياه لإجبار النفط على الصعود لأعلى البئر. وبحسب بيانات شركة بيكر هيوز الأمريكية (إحدى أكبر شركات خدمات البئر في العالم)، فإنه في الوقت الذي تم تسجيل زيادة مطّردة في عدد منصات الحفر في آبار النفط الصخري الأمريكية على مدى 23 أسبوعاً، إلاّ أن العملية بدأت بالتباطؤ. وقد توقع فيل فلين كبير محللي السوق في «مجموعة الأسعار المستقبلية» (مؤسسة وساطة مالية أمريكية في شيكاغو)، أن يشهد سوق إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، انهياراً في الشهور المقبلة. ومع استمرار التزام أوبك وشركائها في خطة سحب الفائض من السوق وموازنته (عرضاً وطلباً)، بما اتفقوا عليه، ومع الطلب القياسي على النفط من قبل المصافي الأمريكية، حيث يُتوقع أن يتقلص المخزون النفطي الأمريكي بواقع 100مليون برميل بحلول سبتمبر المقبل، فإن أسعار النفط مرشحة للمحافظة على زخمها الصعودي في النصف الثاني من العام.

مشاركة :