أنقرة/ مصطفى ديوجي/ الأناضول مع حلول الذكرى الـ29 لانسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان، بعد احتلال دام أكثر من تسع سنوات، لازالت جروح الاحتلال لم تندمل بعد. وفي ديسمبر / كانون الأول 1979، دخلت القوات السوفيتيه فعليا دخول أفغانستان. وبعد وساطة القوى الدولية، بدأ الاتحاد السوفيتي الانسحاب، وخرج آخر جندي روسي من هذا البلد في 15 شباط / فبراير 1989. وخلف الاحتلال السوفيتي لأفغانستان أكثر من مليون قتيل من المدنيين، ونحو ثلاثة ملايين جريح ومعاق. كما شرد أكثر من خمسة ملايين أفغاني، ليصبحوا لاجئين في دول الجوار، حيث لم يتمكن معظمهم من العودة إلى بلادهم حتى الآن. وشهدت أفغانستات ثلاث انقلابات عسكرية خلال الفترة ما بين 1978-1979 لتبدء مرحلة الاحتلال السوفيتي للبلاد الأمر الذي غيّر قدر أفغانستان. وأدت الانقلابات الثلاثة تعزيز موقع الشيوعيين في حكم البلاد، وإضعاف الجيش الأفغاني وبالتالي باتت القوات الأفغانية غير قادرة على إخماد تمرد المعارضة. في 24 كانون الأول/ ديسمبر 1979 قام الجيش الروسي باحتلال أفغانستان متذرعاً باتفاقية الصداقة الموقعة مع كابول في 1978. وعقب الاحتلال، أعرب ملايين الأفغان عن رفضهم للاحتلال الروسي لبلادهم حيث شكلوا جماعات مختلفة لمحاربة المحتل. ودعمت العديد من الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، والممكلة العربية السعودية، وباكستان، المجاهدين الأفغان الذين بدأوا بمحاربة الاحتلال الروسي، وبفضل الدعم الباكستاني بدأت فصائل المجاهدين تزداد قوة. وقامت باكستان بإيصال الأموال والأسلحة إلى التي قدمتها الولايات المتحدة، والسعودية إلى المجاهدين من جهة، و فتح أبوابها أمام ملايين اللاجئيين الأفغان الفارين من الاحتلال من جهة أخرى. ومن أجل كسر شوكة مقاومة الأفغان، رفع الجيش الروسي عدد جنوده إلى 100 ألف جندي في أفغانستان، حيث تكبد خسائر فادحة جراء هجمات المجاهدين. ووفقاً لبيانات الجيش الروسي، فقد قتل 14 ألفا و453 عسكريا روسياً، وأصيب أكثر من 53 ألف آخرين بجروح. وفي 1988 قرر الاتحاد السوفيتي الذي فشل في كسر شوكة المقاومة، سحب قواته من أفغانستان، حيث غادر آخر جندي روسي في 15 شباط/ فبراير 1989 الأراضي الأفغانية لتنتهي بذلك رسميا حقبة الاحتلال الروسي في أفغانستان. - الاحتلال غيّر قدر أفغانستان خلق الاحتلال الروسي مشاكل كثيرة في أفغانستان، لا زال الكثير منها لغاية اليوم، وخلف الملايين من القتلى والجرحى المدنيين. ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة فأن بلغ عدد القتلى في أفغانستان مابين 700 ألف و مليونا و300 ألفاً، وبحسب مصادر مستقلة أكثر من مليوني قتيل. وعاش اللاجئون الأفغان معظمهم من النساء والأطفال ظروفاً صعبة للغاية خلال حياة اللجوء، حيث استقبلت باكستان نحو ثلاثة ملايين منهم، بينما عاش أكثر من مليوني لاجئ أفغاني في ظروف عصيبة بمخيمات اللجوء في إيران. ورغم مرور 29 عاماً على الانسحاب السوفيتي من أفغانستان، لا زال أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ يعيشون في باكستان وإيران. ومن بين المشاكل التي خلفها الاحتلال، الألغام، ووفقاً لبيانات منظمة "هالو ترست الدولية" لإزالة الألغام، فقد تم زرع أكثر من 640 ألف لغم أرضي في أفغانستان منذ 1979، معظمها زرعت من قبل الجيش الروسي. وبحسب المنظمة المذكورة فقد أدت تلك اللغام إلى مقتل 23 ألفا و500 أفغاني، ورغم الجهود المتواصلة لإزالة الألغام في أفغانستان لا تزال 20 بالمئة من الأراضي الأفغانية لم تُطهّر منها. كما أدت الغارات الروسية إلى تدمير معظم البنية التحتية في البلاد. وبعد انتهاء الاحتلال الروسي بدأت المواجهات المسلحة بين الفصائل الأفغانية، وحكومة محمد نجيب الله التي نصبتها موسكو في 1987. وخلف الصراع الداخلي أكثر من 400 ألف قتيل، حيث أضطر نجيب الله إلى التخلي عن السلطة في 1992 بعد أن اشتدت حدة المواجهات في العاصمة كابول، حيث نصبت المعارضة برهان الدين رباني رئيساً للبلاد قبل أن تنشب الخلافات بين المعارضة لتتحول فيما بعد إلى مواجهات مسلحة. وبسبب الفراغ الأمني في أفغانستان جراء الصراع الداخلي، استولت حركة طالبان في 1994 على ولاية قندهار (جنوب)، وفي 1996 سيطرت الحركة على العاصمة كابول لتُعلن "إمارة أفغانستان الإسلامية". وبعد سيطرة حركة طالبان على السلطة، تحول الصراع في البلاد الذي كان من أجل النفوذ إلى صراع إثني، وتمكنت الحركة وبدعم من تنظيم القاعدة السيطرة على قرابة 90 بالمئة من الأراضي الأفغانية. وخلف الصراع بين طالبان وبقية الفصائل الأفغانية، سقوط آلاف القتلى، لغاية 7 تشرين الأول / أكتوبر 2001 تاريخ الاحتلال الأمريكي لأفغانستان. ولم يجلب الاحتلال الأمريكي الذي أنهى حكم حركة طالبان الاستقرار لافغانستان، بل اشتدت وتيرة المواجهات بين الحركة والقوات الأفغانية. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز نقلاً عن مسؤول أفغاني رفيع، فقد قُتل العام الماضي أكثر من 10 آلاف عنصر أمن أفغاني خلال محاربة طالبان، وأصيب أكثر من 16 ألفا آخرين بجروح. وتشهد أعداد ضحايا المدنيين زيادة عاماً بعد عام في أفغنستان، وبحسب تقرير أممي فقد قتل ألفين و640 مدنياً، واصيب خمسة آلاف و379 آخرين بجروح جراء هجمات وقعت في أفغانستان خلال الفترة ما بين كانون الثاني / يناير ولغاية أيلول/ سبتمبر 2017. أعده للنشر بالعربية: بشار البياتي الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :