خاصرة الكويت الرخوة

  • 3/6/2018
  • 00:00
  • 38
  • 0
  • 0
news-picture

يستحيل أن يكون ما قام به أحد أبناء فئة «البدون» الأسبوع الماضي، من إشعال النار في نفسه في طريقه للانتحار، للإثارة الإعلامية، فليس من قبيل «الشو» الإعلامي أن يدفع إنسان بنفسه نحو الموت بإحراق نفسه، أو على الأقل نحو التشوهات التي سترافقه طوال حياته، في حال لم يمت. ومؤكد أنه لم يصل إلى هذه المرحلة إلا بعد أن سدت الحياة الدنيا كل طرقها في وجهه، ولم يعد يرى سوى طريق الآخرة. وبعيداً عن مسألة تأييد أو معارضة هذا السلوك - الذي للأسف لم يكن الأول حيث تكرر المشهد أكثر من مرة - فإن مناقشتنا لقضية البدون تنطلق من نقطة أن هذه القضية تحولت إلى «كرة ثلج» تتضخم مع الأيام، في ظل إصرار حكومي على عدم معالجة القضية، معالجة حقيقية. وحتى نؤكد أن الحكومة لم تكن يوما جادّة في معالجة القضية، سنسرد بعض المواقف التي تثبت ذلك، منذ أن اتخذت القضية منحى تصاعديا بعد التحرير حتى يومنا هذا. وهي مواقف لا تخفى على كل مراقب للساحة المحلية وتجاذباتها، وما تشهده من حالة مدّ وجزر بين الحكومة والمجلس، فمنذ أن أوجدت الحكومة جهة تختص بالقضية، أطلقت عليها اسم «الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية»، بدأت معاناة البدون تزداد، فقد أسندت رئاسة الجهاز منذ إنشائه إلى شخصيات لها موقف غير إيجابي من القضية بشكل خاص، وفي هذا تأكيد أولي على أن خطوة الحكومة لم تكن في سبيل الحل بقدر ما هي خطوة نحو التضييق على هذه الفئة في عيشها. ونحن هنا لا ندافع عن هذه الفئة دفاعا مطلقاً، فمعروف أن منها شريحة واسعة تستحق التجنيس منذ زمن بعيد، ومنها فئة معروفة الجذور أخفت جنسياتها الحقيقية لتنتسب إلى الكويت، لذلك عندما نتحدث، فإننا نقصد الفئة الأولى من أبناء هذه الفئة التي أثبتت ولاءها للبلاد ودفع أبناؤها دماءهم دفاعا عن الكويت أثناء الغزو. إذاً الخطوة الحكومية الأولى لم تكن موفقة في إسناد إدارة الجهاز لشخصيات لها توجه معين، ثم بدأ الجهاز في عمله، فقيّد الكثيرين من أبناء الفئة بقيود أمنية، قطعت عنهم «الماء والكهرباء» وجعلتهم مكبلين لا يستطيعون فعل شيء، فمعاملاتهم متوقفة وأي إجراء يطلبونه مرفوض، فازدادت المعاناة، وانتشرت البطالة بين شباب هذه الفئة، وهي ظاهرة تحمل في طياتها الخطر على البلاد، وقد رأينا وتابعنا كيف انتشرت دعوات على مواقع التواصل لتنظيم اعتصامات واحتجاجات من أولئك الشباب على أوضاعهم، منذ سنوات، وتعاملت مع الموقف وزارة الداخلية بردع ومنعت تلك التجمعات. ثم جاءت خطوة الجهاز الأخيرة في تقسيم أفراد تلك الفئة إلى ثلاثة أقسام، على اعتبار وجودهم في الكويت، وما لدى الجهاز من معلومات تجاههم، بين من يستحق التجنيس ومن يبقى «بدون» مع تمتعه بالخدمات الأساسية ومن عليه أن يكشف جنسيته الأصلية، وهي خطوة تبعتها خطوات ضيقت على أبناء الفئة، حيث ربط الجهاز المعلومات مع هيئة المعلومات المدنية، ليجد الفرد البدون نفسه عندما يراجع أي جهة حكومية، وفق بطاقته التي يحملها، أنه معلوم الجنسية لدى تلك الجهة، فيرفضون معاملته، طالبين منه إثباتا يتوافق مع ما هو ظاهر لديهم في أجهزة الحاسوب من حيث جنسيته، بأنه عراقي او سعودي أو أردني أو سوري أو إيراني، لينسحب الرجل أو المرأة من استكمال معاملته وقد أسقط في يده، وهو يرى نفسه معلوم الجنسية، حسب تصنيف الجهاز المركزي له، ليتوقف عن الإقدام على أي خطوة في أي اتجاه، وليصبح عاجزا عن فعل شيء! ونحن في هذا السياق لا نهاجم سياسة الجهاز بشكل مطلق، بل نريد أن تكون هناك سياسة وخطوات واضحة المعالم، مبنية على حقائق ثابتة، حتى إذا ما تمت مواجهة أي فرد من أبناء هذه الفئة ببيانات تكشف عن جذوره وأصوله، تكون باتة لا يستطيع إنكارها، أما أن ننسبه إلى جنسية معينة من دون أن نضع أمامه ما يثبت ذلك، فهذا مزيد من التعنت والقهر، لن ينتج إلا مزيدا من الاحتقان وتضخم القضية... h.alasidan@hotmail.com Dralasidan@

مشاركة :