في ظل الأوضاع الأمنية «المنفلتة»، والسياسية « المتعثرة» في ليبيا، أصبح الجنوب الليبي «خاصرة رخوة» توفر ملاذا آمنا للمسلحين والإرهابيين للعمل بحرية وإعادة تنظيم الصفوف والتجنيد والتدريب، إضافة إلى التمويل عبر تهريب السلع.. و«الخاصرة الرخوة» يستغلها تنظيم داعش الإرهابي، في محاولة لتجميع الصفوف عقب السقوط الأخير لغالبية قواعد وتمركزات التنظيم في العراق وسوريا. وحذر خبراء أمن ليبيون، من أن التنظيم الإرهابي «داعش»، يسعى للتمدد والبقاء في الجنوب الليبي، ثم الانتشار مجددا في دول افريقيا انطلاقا من ليبيا التي ما زالت تعيش فوضى أمنية، استغلتها التنظيمات المتطرفة الإرهابية للتنقل بسهولة بين مختلف الدول الافريقية المجاورة، بسبب غياب الضوابط الحدودية. وأكدوا أن استعادة السيطرة على الجنوب وتأمين الحدود مع الجيران الجنوبيين، وخاصة النيجر وتشاد والسودان، شرطً لازمٌ لنجاح أي حل سياسي للأزمة الليبية، من أجل تمكين الدولة من ملاحقة الخارجين عن القانون وضبط السلاح المُنفلت من أي رقابة، وإعادة تركيز المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية التي تفككت. وأكد مصدر عسكري ليبي، أن جنوب ليبيا، يشهد انتشارا لمقاتلي تنظيم القاعدة، إضافة إلى اكتظاظ الجنوب بالمجموعات المسلحة، وأصبحت سلاسل الجبال الرابطة بين وليد وحتى جنوب طرابلس ملاذاً حقيقياً لهم، يمكنهم من تنظيم صفوفهم وشن عملياتهم في المستقبل في أكثر من بلدة ومدينة لها وزنها كالعاصمة، ومع ظهور اسم «جلال الدين التونسي» ليكون خليفة لزعيم التنظيم الإرهابي، أبو بكر البغدادي، في ليبيا. ويؤكد المتحدث الرسمي باسم قوات «البنيان المرصوص»، محمد الغصري، أن «تنظيم داعش» في ليبيا، أصبح عبارة عن خلايا نائمة متفرقة اختلطت بالمدنيين بالشكل الذي لم يعد ممكنا تفريقها وفرزها عن المواطنين الليبيين العاديين، خاصة بعد إزالتهم للّحى وتخليهم عن لبس القمصان الطويلة. وحسب العقيد المتقاعد والخبير الأمني الليبي ،سلامة شنيب، فإن المنطقة الصحراوية والواقعة جنوب سرت وصولاً إلى جنوب بني وليد، جنوب شرقي طرابلس، لا تزال ساحة مفتوحة لتنقلات مقاتلي التنظيم.. وقال شنيب «لا يمكن رصد تواجد ثابت لهم، لكن سلسلة جبال جنوب وغرب بني وليد تكفل لهم تحركات دائمة وسط حماية طبيعية، ومن المرجح أن تكون وديان وسوف الجين والمركم وصيبا المهجورة مناطق تواجد رئيسية لهم». ومنذ سقوط نظام العقيد القذافي في 2011 بات الجنوب الليبي «خاصرة رخوة» ومنطقة مستباحة من الميليشيات وعصابات التهريب وشبكات الإتجار بالسلاح وكل الخارجين عن القانون.. وفي مناخ الصراعات القبلية على النفوذ تحول الجنوب إلى ساحة مواجهات بين قبائل التبو ( وهم من سكان القطرون)، والقبائل العربية للسيطرة على الطرق الصحراوية، التي تُنقل عبرها السلع والسجائر والمخدرات والأسلحة والمواد الغذائية، وأيضا المهاجرين الذين أصبحوا يُباعون ويُشترون. ويستقطب الجنوب الليبي ، بالنظر لحجم ثرواته الطبيعية المتنوعة، اهتمام الدول الكبرى المُتداخلة في الملف الليبي، ولاسيما فرنسا التي احتلت فزان وعاصمته سبها منذ اندحار إيطاليا أثناء الحرب العالمية الثانية 1943 ، وحصلت من الأمم المتحدة على وصاية رسمية عليه، إلى إعلان الاستقلال في 1956. وهكذا شكلت الحرب العالمية الثانية فرصة سانحة لباريس من أجل استقطاب حركة المواصلات والتجارة مع البلدان الصحراوية، انطلاقا من مسالك القوافل في المغرب الأقصى ومنطقة طرابلس، لسحبها نحو الموانئ الجزائرية.
مشاركة :