منذ سنوات تشكل الغوطة الشرقية الخاصرة الرخوة للنظام السوري، مع صمود الفصائل المعارضة فيها وقدرتها رغم الحصار المحكم على استهداف العاصمة، ما يرجح وفق محللين، توجه دمشق لحسم عسكري في المنطقة، بعد انتصارات على جبهات أخرى.ويقول مدير أبحاث الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس، إن «استمرار مقاومة الفصائل في الغوطة الشرقية بات مسألة محرجة، وعبئاً كبيراً على نظام الأسد، كونه يقدم نفسه المنتصر في الحرب ويأمل إقناع المجتمع الدولي بأنه يواجه معارضة لا تذكر موزعة على جيوب» في مناطق محدودة. ويوضح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، أن «الغوطة الشرقية هي فعلاً الخاصرة الرخوة للنظام، لأن الفصائل الموجودة فيها قوية، وتهدد دمشق بشكل مباشر». وبحسب لانديس، «لا تزال فصائل الغوطة قادرة على شن هجمات على دمشق نفسها، معكرة صفو هدوء العاصمة». ويعد «جيش الإسلام» الفصيل المعارض الأقوى في المنطقة ويسيطر على الجزء الأكبر منها، ويشمل مدينة دوما ومحيطها، وبلدات النشابية ومسرابا وسواها. ويعد هذا الفصيل شريكاً في اتفاق خفض التوتر، وهو ممثل على طاولة المفاوضات في جنيف. ويسيطر «فيلق الرحمن»؛ ثاني أكبر الفصائل على ما يسمى بالقطاع الأوسط الذي يضم مدناً عدة، أبرزها عربين وحمورية ومديرا. ولهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وجود محدود في هذا القطاع، يقتصر على بعض المقرات. وتنفرد حركة أحرار الشام من جهتها، بالسيطرة على مدينة حرستا ومحيطها على أطراف الغوطة الشرقية من جهة دمشق. وتخوض منذ أسبوع إلى جانب «هيئة تحريرالشام»، معارك عنيفة ضد قوات النظام، تمكنت خلالها من حصار إدارة المركبات؛ القاعدة الوحيدة للجيش في الغوطة الشرقية.ويتوقع المحلل المتخصص في الشأن السوري في مؤسسة سنتشوري للأبحاث، سام هيلر، أن «يصعّد النظام عملياته لرد هجوم الفصائل واستعادة تلك المنقطة، مهما كلفه الأمر من قوات وتعزيزات». وإذا كان مسار الأمور يتجه وفق هيلر «نحو حسم عسكري لصالح النظام في مناطق سيطرة فيلق الرحمن، وأحرار الشام، وهيئة تحرير الشام»، فإن واقع الحال مختلف في مناطق سيطرة «جيش الإسلام». ويمثل هذا الفصيل «قوة عسكرية لا يستهان بها ويسيطر على كتلة سكنية كبيرة، من الصعب على النظام هضمها» بحسب هيلر.كما أن من شأن «انخراطه في محادثات جادة مع الجانب الروسي، أن يؤدي إلى حل تفاوضي يبقيه في مكانه بعد تقديم تنازلات» معينة. ويشكل إبعاد خطر الفصائل عن دمشق أولوية للنظام السوري، وهو ما قد يكون دفعه إلى الموافقة «مؤقتاً» على اتفاق خفض التوتر، الذي يتوقع لانديس أن «يتلاشى» تدريجياً في الأسابيع المقبلة. ويقول: «حتى الآن، فضّل الأسد تجويع الغوطة وقصفها، بدلاً من إطلاق هجوم مكلف». وأدت «سياسة التجويع» إلى استسلام مناطق عدة في ريف دمشق، وغيرها. ويتوقع لانديس «زيادة الضغوط» على فصائل الغوطة الشرقية؛ لدفعها إما إلى «الاستسلام أو الموافقة على مصالحة، أو الترحيل إلى إدلب». (أ ف ب)
مشاركة :