معارك درعا.. خاصرة الأردن الرخوة

  • 2/22/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يترقب الأردن بقلق نتائج المعارك الدائرة في محافظة درعا السورية، التي يُعدها المستوى الأمني والعسكري «الخاصرة الرخوة» لحدود البلاد الشمالية، فيما يشكل اندلاع القتال جرس إنذار للوضع على الحدود سواء للمستوى الرسمي أو الشعبي. الموقف الأردني الرسمي، الذي تبنى مقاربة حذرة ودقيقة منذ اندلاع الثورة السورية، أربكته «عملية الموت ولا المذلة»، التي أطلقها 29 فصيلا سوريا مسلحا منضوية فيما يُعرف بـ «غرفة البنيان المرصوص»، خاصة في ظل تعارض العملية مع رغبة العاصمة عمان بالحفاظ على هدوء الجبهة السورية الجنوبية. معارضة عمان لـ «عملية الموت ولا المذلة» بدت صريحة دون إعلان السلطات الأردنية لموقف رسمي، وهو ما يظهر في حديث مسؤول عسكري أردني إلى «اليوم». يقول المسؤول العسكري، غير المخول له بالتصريح، إن «ما يجري في محافظة درعا، وتحديدا في حي المنشية، يلقي بآثاره على الأردن، الذي عمل طويلا من أجل الحفاظ على هدوء الجبهة الجنوبية عبر عقد توافقات ميدانية مع الفصائل المسلحة السورية من جهة، ومع الطرف الروسي من جهة أخرى». التوافقات الأردنية مع فصائل الجبهة الجنوبية، على طول محور درعا، تشمل - بشكل رئيسي -الفصائل المنضوية في «غرفة الموك» (غرفة العمليات الدولية المشتركة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية)، إلا أنها عمليا لا تضم كل الفصائل السورية المقاتلة. ويضيف المسؤول العسكري «أهمية المعارك الجارية تتجاوز إخلالها بمبدأ الحفاظ على هدوء الجبهة الجنوبية، إذ تأتي تتويجا لجملة من التحركات العسكرية الميدانية غير المتوافقة مع الإستراتيجية الأردنية». وجاءت «عملية الموت ولا المذلة» في أعقاب «محاولات قوات النظام استعادة السيطرة عسكريا على معبر درعا الحدودي مع الأردن»، بعد إخفاق السلطات الأردنية في إقناع الفصائل السورية بتسليم المعبر لقوات النظام، وهو ما تعتبره الفصائل بمثابة الخيانة لمبادئ الثورة، وفق مسؤول المكتب الإعلامي في «غرفة البنيان المرصوص»، المكنى بـ «أبو شيماء». يقول أبو شيماء، في حديث لـ «اليوم»، إن «غرفة البنيان المرصوص رصدت محاولات النظام السيطرة على المعبر الحدودي مع الأردن، وقررت إبعاد القوات الموالية له عن المنطقة عبر عملية الموت ولا المذلة، التي تستهدف السيطرة على حي المنشية لخلق مجال حيوي ميداني». ويرى أبو شيماء أن «موجبات عملية الموت ولا المذلة عسكرية بحتة، وتفرضها مقتضيات الميدان»، لافتا إلى أهمية «قطع الطريق باتجاه المعبر الحدودي من حي المنشية أمام قوات الأسد». يرفض أبو شيماء اعتبار «عملية الموت ولا المذلة» تحديا للترتيبات الأردنية في الجنوب السوري، رغم أنها جرت قصفا عنيفا لمحافظة درعا وريفها، وهو رد صريح على اتهامات وسائل إعلام مقربة لنظام الأسد للأردن بمحاولة تحسين مواقع المعارضة على طاولة المفاوضات في محادثات الأستانا، وتسبق تثبيت خطوط وقف إطلاق النار. على المستوى الأمني والعسكري، أولويات الإستراتيجية الأردنية تتمثل في تصفية الفصائل المحسوبة على «تنظيم داعش» أو المبايعة له، والحيلولة دون تقدم مجموعات وعناصر موالية للتنظيم من شرق سوريا صوب المناطق المحاذية للحدود الأردنية. وتشمل الإستراتيجية ذاتها مخاوف متنامية من موجة لجوء سورية جديدة باتجاه الأردن، خاصة في ظل القصف الجوي العنيف لمحافظة درعا وريفها، وهو ما لم تنفه القناة الرسمية لقاعدة حميميم الجوية، إذ كشفت عن تنفيذ الطيران الروسي 340 طلعة جوية فوق درعا، فيما نفذ طيران نظام الأسد غارات واسعة بالبراميل المتفجرة والصواريخ على الأحياء السكنية. ويصف الخبير الاستراتيجي اللواء د. فايز الدويري، في حديث لـ «اليوم»، الوضع في درعا بـ «المعقد للغاية»، سواء بالنسبة للأردن أو للأطراف السورية. وبين الدويري أن «إرادة المعارضة قطع الطريق إلى المعبر الحدودي عبر السيطرة على حي المنشية لا تعتبر قدرا نافذا ومنتهيا، فسيطرتها على الحي لن تصمد أمام القصف الجوي العنيف، ما يعني أن المشهد سيكون متحركا، وهو ما يشكل ضغطا بموجة لجوء جديدة باتجاه الأردن». ويحمل الدويري مسؤولية اندلاع عملية «الموت ولا المذلة» بشكل غير مباشر لنظام الأسد، ويقول إن «العملية ثمرة للقصف الذي تقوم به قوات الأسد وحلفائه بشكل ممنهج للمناطق المجاورة، وسعي النظام إلى التقدم لتحسين وضعها الدفاعي». ويرى اللواء الدويري أن «معارك درعا تخل بالترتيبات الأردنية، التي تسعى إلى ضمان عدم اندلاع موجات لجوء جديدة، وتجنيب المدنيين الأردنيين القذائف التائهة، وبما يضمن استقرار الوضع الميداني على الحدود».

مشاركة :