بعد أسابيع قليلة تستضيف السعودية القمة العربية التاسعة والعشرون بعد اعتذار دولة الامارات، صحيح لم يحدد الموعد الجديد بعد التأجيل من الاسبوع الاخير من هذا الشهر الى موعد أخر بسبب تزامن موعد القمة مع الانتخابات المصرية، لكن يبقى السؤال الذى يشغل بال جميع المواطنين العرب: هل ستخرج قرارات القمة عندما تعقد عن الشجب والادانه؟! نعم هناك الكثير من القضايا الساخنة والاقطار المشتعلة بالحرائق ، وتسبب البعض منا – ومازلنا – فى اشعالها بل كنا اضلاعا رئيسية في استمرارها حتى الآن، لكن تعالوا نناقش قضية لو جعلناها احد محاور المؤتمرستجعل المواطن العربى- “قد “- يرضى عن اداء مثل هذه القمم حين يجد الأثر فى حياته اليومية ..أقصد بذلك الأقتصاد والتنمية بعيدا عن جمل الانشاء و”الينبغيات “والاغانى والأناشيد!! أقول فى المقدمة: تعالوا نتعلم من القادة الغربيين او حتى الشرقيين بالنظر الى وفودهم الرسمية فى اى زيارة خارجية او اوأستقبال لنظرائهم فى بلادهم … يكون الأقتصاد حاضرا وبقوة، ويترجم ذلك الى اتفاقيات حقيقية ومشروعات على ارض الواقع ، …. ونحن كعرب عكس ذلك تماما او على الاقل بنسبة كبيرة …!! تعالوا فى البداية نقارن بين حجم التبادل التجارى والاستثمارات وكافة الانشطة الأقتصاد ية والتجارية بين الدول العربية بعضها البعض وبين الدول العربية والاجنبية … طبعا الارقام عبارة عن “كارثة وفضيحة ” عندما نجد ان حجم التبادل البينى بين العرب لايقارن بحجم نظيره بين دوله عربية واحدة وبين دول او دولة غربية او شرقية واحدة !! قد يقول قائل: وهل لدينا كدول عربية ما نريده حتى نستغنى عن التعامل او تقليل التعامل منه مع الدول غير العربية ؟! والاجابة عن هذا السؤال هى ” مربط الفرس “. تعالوا فى البداية نقول ونطلب أن يكون قرار القمة العربية الأول هو :”التعامل مع الشركات العربية والمنتجات العربية لها الاولوية القصوى ومنع التعامل مع المثيلة لها من خارج الدول العربية”، وبعد ذلك ننتقل الى استقدام الخبرات الاجنبية مع الخبرات العربية من اجل انشاء مشروعات على الارض العربية لانتاج ما يحتاجه العالم العربى كمرحلة اولى ثم للتصدير خارجه فى الاسواق الافريقية والاسيوية … الخ كمرحلة ثانية . مثلا تعالوا ندرس ما نحتاجه فى قطاعات الادوية والمستلزمات الطبية، ونعظم الموجود من شركات فى هذا القطر او ذاك ، ونستحدث أوننشىء غير الموجود حتى نحقق الأكتفاء الذاتى فى المنطقة العربية من هذه المنتجات ..ثم نتجه للتصدير . وما ينطبق على شركات الادوية والمستلزمات الطبية يمكن ان يمتد لصناعات الاغذية والغزل والنسيج والاثاث والاجهزة الكهربائة والسيارات والبتروكيماويات … الخ من صناعات متعددة . وما ينطبق على الصناعة ينطبق عى الزراعة وباقى الانشطة التجارية وقد يقول واحد من ” مافيا الاستيراد ” الذى لا هم لهم الا الكسب من الاستيراد ، ولذلك يكون هدفه قتل اى صناعة وطنية توفر ما يستورده ، بغض النظر عن مكاسبنا كدول وشعوب عربية التى تفوق مكاسبه الضئيلة !! يقول هذا الشخص : وهل لدينا كعرب مقومات ما تدعو اليه ؟! ردى بسيط: نعم … نملك الاموال وهذا كفيل باقامة الاستثمارات على اراضينا.. وأضيف : ومع ذلك لدينا الخبرات النوعية فى كل مجال ويمكن تطعيمها بخبرات اجنبية محدودة اذا لزم الامر…. لدينا العمالة المتنوعة فى البلاد العربية التى يمكن ان تكون حجر اساس فى اى مشروع … لدينا اسواق محلية تستوعب وما يزيد يمكن به فتح اسواق للتصدير لكن ما حز ويحز فى نفسى على سبيل المثال ان لدينا بعض المشروعات والكيانات النوعية ومع ذلك نفتح مجالا للاستثمار لغير العرب فيها …وحتى يكون الكلام محددا رغم ان الامثلة يعرفها القاصى والدانى اطرح مثالين : فى الايام الاخيرة زار الرئيس التركى اردوغان الجزائر فى مستهل جولة افريقية ومعه 200 من رجال الأعمال الأتراك،يروج فيها للاستثمارات التركية رغم انشغاله بالحرب فى سوريا وقلاقل الاكراد والاحتجاجات الداخلية .!!هذا حقه .. رئيس يدافع عن مصالح بلاده …. لكن الذى ادهشنى ان الجزائر تدعو تركيا:-إلى الاستثمار في إنتاج 850 سلعة ممنوع استيرادها … ولم تدع مثلا الشركات المصرية او الاردنية او الامارتية او السعودية … الخ للاستثمار فى انتاج هذه السلع او حتى بعض منها !! الجزائر ستبنى منشأة للبتروكيميائيات بمليار دولار في تركيا لانتاج 450 ألف طن من البروبلين باستخدام البترول الجزائرى ، وستساهم المنشأة بخفض اعتماد تركيا على البتروكيميائيات المستوردة من الخارج بنسبة 25 %في على حد قول اردوغان… ولم تستفد الجزائر من المنشأت المصرية فى هذا المجال !! أردوغان يدعو لزيادة التبادل التجارى مع الجزائر الى 10 مليارات دولار بدلا من 4 مليارات حاليا ، فى الوقت الذى لايصل التبادل التجارى بين الجزائر وبعض الدول الى سنت واحد!! والاكثر من ذلك دعوة رئيس الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة “محمد العيد بن عمران ” للصناعة التركية للأنطلاق الى افريقيا…..بدلا من دعوة الشركات المصرية او الاردنية .. الخ لاتخاذ الجزائر قاعدة للانطلاق الى افريقيا !! بقى أن نقول إن تركيا تعتبر أول مستثمر أجنبي في الجزائرب 138 مشروعا لأكثر من 800 شركة تركية من مختلف القطاعات، والمثال الجزائرى ينطبق عندنا فى مصر وينطبق فى السعودية والامارات والاردن والمغرب وسلطنة عمان والعراق ولبنان .. الخ مثال اخر تنشغل به العواصم الغربية فى مقدمتها لندن وواشنطن الآن .. ماهو؟ منذ فترة اعلنت الحكومة السعودية عن تحويل شركة «أرامكو» إلى شركة مساهمة في خطوة أولى لطرحها للاكتتاب العام ويبلغ رأس مال الشركة 60 مليار ريال مقسمة على 200 مليار سهم، وسيتم طرح 5% من هذه الأسهم للاكتتاب وهو ما يساوي 10 مليار سهم. وتبلغ القيمة السوقية لـ«أرامكو» –حسب التقييم السعودي- 2 تريليون دولار، وعلى ذلك فإن قيمة السهم الواحد ستعادل عشرة دولاراً.. وامام الحكومة السعودية لطرح اسهم الشركة 3 خيارات رئيسية :- _ الخيار الأول يتضمن إحدى 3 أسواق عالمية هي أسواق لندن ونيويورك وهونغ كونغ _ الخيار الثاني هو سوق الأسهم السعودية «تداول» _ الخيار الثالث فهو أن يتم البيع دون طرح الأسهم للاكتتاب، كأن يتم البيع للصين مثلاً . ونشهد هنا عدم وجود اى خيار عربى امام الشركة لطرح اسهمها فيه ، بان يتم الطرح فى بورصات او اسواق المال فى مصر اودبى او ابوظبى او البحرين او مسقط او عمان او الكويت او تونس او المغرب … الخ وفى نفس الوقت تحاول لندن خلال هذه الساعات بكل ما اوتيت من قوة الفوز بطرح الشركة فى “بورصة وسوق المال البريطانى ” وتحاول استغلال الامير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى لها الآن للفور بالصفقة وعبر عن ذلك “أليستير بيرت ” وزير الدولة بوزارة الخارجية أمام البرلمان هناك بقوله ”نود أن يتم طرح أسهم أرامكو في المملكة المتحدة وسنواصل تقديم حي المال على أنه أفضل مكان لذلك“. هذا طبعا بالاضافة لاستموات رئيس الوزراء البريطانية والقصر الملكى للفوز بالصفقة بكافة الطرق وعلى الجانب الاخر من الاطلس ينتظر الكاوبوى الامريكى وصول الامير محمد بن سلمان للفوز بالصفقة أقول ذلك على سبيل المثال رغم ان طرح هذا الصفقة مثلا فى بورصة القاهرة كفيل باحداث حركة انتعاش كبيرة فى مصر بعد حضور رؤوس الاموال الاجنبية والعربية للقاهرة للفوز بالصفقة والامر كذلك لو طرحت فى دبى او الكويت .. الخ. باختصار شديد ما أود قوله لو ادخلنا الأقتصاد فى اجتماعات القمة العربية بحق وحقيقى وبشرط ان يخرج البيان الختامى الى جانب الشجب والاستنكار والادانة بعشرات الاتفاقيات والمشروعات العربية المشتركة التى يمكن ان يشعر بأثرها المواطن العربى فى كل مكان. وقتها فقط يمكن ان ينظر الينا العالم كله نظرة احترام وتودد فى المشاركة والاستثمار والتنمية بدلا من السياسة المتبعة منذ زمن طويل فى الاستحواذ على كل الاموال العربية مع رهن المقدرات العربية كلها عندهم وللأبد .. ووقتها فقط سيشعر المواطن العربى ان هناك جدوى من عقد هذه القمم بعد ان تتحول بيانات الشجب والاستنكار الى اتفاقيات ومصانع ومشروعات على ارض الوقع من المحيط الى الخليج ؟! ويبقى لاغنية امجاد ياعرب امجاد معنى بل مليار معنى!!
مشاركة :