في رمضان الماضي صدر أمر ملكي ينص على إنهاء خدمات «قاضٍ» في المحكمة الجزائية بجدة. والسبب حصوله على تقدير أقل من (المتوسط) في تقرير الكفاءة وعلى مدى 3 مرات متتالية. هل يُعد ذلك من غرائب الأخبار أو عجائبها؟ المفترض لا! فالقضاة بشر في النهاية يخطئون ويصيبون، ويحسنون ويسيئون. ومع ذلك فلا بد من الاعتراف أنه قد مرّت علينا في حقب سابقة فئات أضفت على القضاة من القدسية ما لا يليق. اليوم تغير الحال، وهو تغير تدريجي مندوب، وهو حتماً إلى الأحسن. نعم تغيرت الصورة الذهنية كثيراً بسبب تغير عاملين أساسيين هما الإرادة والقيادة. هي الإرادة أولاً الراغبة في إعادة صياغة كثير من المسلمات العتيقة في ضوء الشرع والواقع، فليس ثمة شرع يحيط القاضي بهالة عصية على النقد أو الشكوى في حدود الأدب واللياقة والاحترام وعبر آليات مقرة معتمدة. وهي القيادة ثانياً التي تسعى إلى الرفع من مستوى أداء بيوت العدل بصورة علمية مقننة وعادلة ومنضبطة، ومن ثم استمرار الهيبة والوقار في دور القضاء عبر استحقاقات وممارسات وتطبيقات قوامها تحقيق العدالة والتسريع في البت في القضايا وحسن الاستماع إلى الأطراف المتنازعة. وكل ذلك متبوع بنظام يرسخ مفهوم المحاسبة والمتابعة. لن يعيب القضاء أبداً إنهاء خدمة بعض المنتسبين إليه، ولكن يسيء إليه غض الطرف عن شضعف أداء بعض المنتسبين إليه بدعوى أن القضاة سادة أنفسهم ولا لأحد عليهم من طريق. والحق أن القضاء سيد نفسه ومستقل بذاته، ولذا فهو يصحح مساره ويصوب أفراده حتى لو اضطر إلى الرفع بإنهاء خدمات بعض منهم. ومتى ما صلح أداء جهاز القضاء، وكان نموذجا للآخرين في جودة الأداء وحسن التعامل، كانت بقية الأجهزة الحكومية تابعة ومسترشدة به، وإلا لجأ الناس إلى القضاء ليكون لهم عوناً على كل مقصّر أو مسيء لم تحسن إدارته أو مرجعيته تقويمه أو ضبطه وتُرك له الحبل على الغارب. القضاء هو الواجهة الكبرى لحضارية البلاد وتقدمها ورقيها. وصلاح القضاء هو مفتاح الخيرات والبركات، ورجاله الصالحون المتقون أهل لكل دعاء صالح جامع مبارك مقبول. salem_sahab@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :