"فمظهر القسم، وهيكله الوظيفي، والأساليب الإدارية التي تعود لما قبل خمسين عاماً لا تزال تسيطر على فكر وسلوك تلك الأقسام، ولا يزال الدفتر والبصمة، ووسائل التحقيقات والبلاغات هي ذاتها". النص أعلاه جاء في افتتاحية هذه الصحيفة يوم السبت الماضي، ولا يكاد أحد يخالفه، وأيضا يتفق المواطنون خاصتهم وعامتهم بأن وزارة الداخلية قطعت شوطا مشهودا في تحديث أعمالها وتعاملها في قطاعات كثيرة من قطاعاتها، ولا بد أنها آخذة بعين الاعتبار أقسام الشرطة في المدن والقرى، لأنها الواجهة الأمامية لأمن الناس وأيضا لحياتهم اليومية. نختلف أنه ليس من مهام الكاتب والمفكر والمحقق الصحفي إدارة دولة أو نشاط مؤسسات، لكنهُ قد يُسهم بما يكتب في تصحيح مسار أو إيقاظ فكرة وطنية. ولو بيدي تحقيق أمنية لذهبتُ بصحبة رجل البلدية والتجارة إلى من خط اللوحة الإرشادية المعروضة في قسم شرطة الملز بالرياض، وطلبتُ من السلطات ختم محل من خطها بالشمع الأحمر، وتحرير محضر بمؤهلات من كتبها أو أوحى بكتابتها، ثم سحب الرخصة المهنية أو إيقافها لأجل. ثم طلبتُ من مدير شرطة الملز أن يجلس مع من قام بتعميد الخطاط/ المترجم وسألتهُ هل قرأت "المنتج" قبل استلامه وعرضه للجمهور، مواطناً ومقيماً. الكلام المكتوب باللغة الإنجليزية لا يصل إلى العقل، لا.. بل ومُضحك وشرّ البلية ما يُضحك فقد جرى ما سمّوه ترجمة كتابة الموضوع بالأحرف اللاتينية (على أنه إنجليزي). فجاء على شكل بلياتشو مسرحي همه أن يُضحك الناس في مراكز الألعاب والتسلية. عتبي على موظفي القسم من ذوي الرتب الأعلى وهم يمرون أمام اللوحة غادين رائحين ولم تستيقظ همتهم لطلب إيقاف المضحك/ المبكي. فاللوحة "الإرشادية" تقول: "إذا رغبتَ في إيصال ما لديك فلا تتردد بإرساله عبر البريد الإلكتروني".. الخ. كتبوا ترجمة "ما لديك" هكذا: Mladic. و كتبوا ترجمة "عَبْر" هكذا: abbar. أي لغة تلك، وأيّ ذوق وصلنا إليه؟ هذا يتعدى تصوّر كل غيور ومحب لوطنه وسمعة وطنه. فالقارئ غير العربي سيضحك ملء فمه. أعلم أن لدى مراكز الشّرط فكرة احتواء الأهم قبل المهم، وأُقدر ذلك واحترمه. لكن لوحة معروضة للجمهور ستجعل السعودي قبل غيره لا يشعر بالزهو ولا بالامتنان لتلك الثقافة القاصرة. خريجة ترجمة سعودية تقول في تغريدة لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي: مستعدة أترجم مجانا. وبلحظات وصلت الصورة إلى مواقع كثيرة، إحدها إلى إمارة منطقة الرياض.
مشاركة :