تقول اطروحات الإدارة العصرية إنه لا يهم عدد الساعات التي يقضيها الموظف خلف مكتبه، بقدر قيمة العمل والمدلول الدقيق لتلك الفترة التي قضاها. ويعتمد أهل الإدارة الحديثة على القيمة التي حصُلت عليها المنشأة. ومنذ بدأت الوظائف الأميرية تتعمم في الشرق العربي إبان العهد العثماني فالوظيفة لا تعني إلا الشخوص في وقت محدد وتوقيع الدفتر ، وانتظار ما يؤمر به (إن وُجد) ثم البدء بانتظار ساعة الانصراف. ويبدو أن عامة الناس عندنا يفهمون هذا النمط من العمل. بدليل النوادر التي يتداولها الناس عن بعض أهل الدواوين (موظفي الحكومة). واحدة تقول إن رجلاً هاتف صديقاً له ذات صباح، فقال له أهله: راحْ يوَقّع . –نسوا أن يقولوا "راح للعمل" – لأنهم تعلموا منه (من صاحب المنزل) أن يقول لهم كل صباح: أبي أروح أوقّعْ . بما معناه أنه سيذهب إلى الدائرة كي يوقّع على الدفتر، ثم يعود إلى المنزل – ربما – لتناول طعام الفطور. ومع ان وزارة الخدمة لمست هذا التسيب ورأته واضحاً للعيان، بسبب المجاملات والتعاطف وتوصلت وزارة الخدمة المدنية إلى تسوية واضحة في عملية احتساب ساعات التأخر عن العمل والتي تصل إلى سبع ساعات وعلى ضوئها يتم حسم يوم كامل للموظف الذي تبلغ ساعات تأخره أو خروجه قبل نهاية الدوام أو أثنائه بسبع ساعات. ووجهت المصالح الحكومية بإجراء يحدد نظامية هذه العملية وذلك بأن تسقط الساعات المرصودة على الموظف المتأخر أو المغادر للدوام قبل الوقت الرسمي في حال إذا لم تبلغ الساعات سبعاً في نهاية السنة المالية، وقالت في حال عدم بلوغ سبع ساعات في الشهر الأول فيتم ترحيلها للشهر الثاني ليتم الحسم على الموظف، ثم يذهب إلى أعمال أخرى، وعمل الحكومة ومقابلة ما يطلبه أصحاب الحاجة يأتي لاحقاً. قبل مدة عرفت رجلاً يبني منزلاً، واتفق مع فرّاش القسم أن يضع فنجال الشاي كل صباح على مكتبه وكلما جاء زائرٌ، مفتش أو رئيس، يقول له الفراش: موجود.. هذا فنجاله!!!. بينما الموظف ينتظر "شحنة رمل" في موقع البناء. لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :