قالت الدكتورة أماني عبد الله الشريف، الأستاذة بكلية الصيدلة، جامعة الأزهر، والخبيرة الدولية في جودة التعليم بالاتحاد الأوروبي، والمحكم الدولي باتحاد الجامعات الإفريقية، إن الدول النامية تعاني فجوة بين مهارات الخريجين ومعارفهم، سواء في التعليم العالي، أو التعليم قبل الجامعي، وبين احتياجات المجتمع، وما يتبعه ذلك من نزيف للأموال التي تنفق على التعليم دون جدوى ودون تحقيق الناتج المتوقع وهو "متعلم قادر على الإسهام في التنمية"، ما يؤدي إلى زيادة في البطالة وتأخر التنمية نتيجة نقص الكوادر المناسبة لاحتياجات المجتمع ومتطلباته. وأشارت الشريف، في تصريحات صحفية، اليوم الأحد، إلى أن كثيرًا من الدول التي حققت طفرة في التعليم، مثل فنلندا، أعدت سياستها التعليمية على أساس احتياجات التنمية، فكان الاهتمام والأولوية للتعليم الفني إلى أن اكتفى سوق العمل فبدأت بتعديل تلك السياسات في ضوء الأهداف المستقبلية وتلبية لاحتياجات التنمية. وأضافت: "كما يحتاج المجتمع إلى الطبيب والمهندس والمحاسب والمحامي فإنه لا يتقدم بدون السائق والميكانيكي وعامل الصيانة والكهربائي والمزارع الماهر وغيرهم من أصحاب الحرف التي لا تقوم التنمية بدونها". وتابعت: "من خلال خبرتي في مجال جودة التعليم في الاتحاد الأوروبي واتحاد الجامعات الإفريقية أن أدلي بدلوي في هذا الشأن، فلعل البعض يتفق معي أن أهم التحديات الراهنة التي تواجه المؤسسات التعليمية يتمثل بعضها في هياكل إدارية وفنية جامدة غير مناسبة للمتغيرات الحديثة واحتياجات التنمية، وضعف المخصصات المالية وعدم تناسبها مع متطلبات التطوير، وأصول وموارد غير مستغلة". ولمواجهة هذه التحديات، أوضحت "الشريف" أنه يجب الاهتمام ببناء الفرد ولا سبيل لذلك إلا من خلال التعليم الجيد، لتكوين أفرادٍ يستطيعون التفاعل مع هذا العالم، والمشاركة في تطوير مجتمعاتهم ومواجهة التحديات التي تواجهها، وذلك يتطلب إقامة توازنٍ سليم بين التعليم الأكاديمي وتنمية المهارات العملية الحياتية، وربط مناهج التعليم باحتياجات المجتمع، وتقليص الفجوة بين التعليم النظري والتطبيقي، وتأهيل الخريج لمجالات حياتية مختلفة. وأكملت: "يجب تحديد أولا المسطرة التي سنقيس عليها جودة التعليم. يا سادة: نحن لن نخترع العجلة ويجب أن تبدي تلك المسطرة - بل دعوني أقول تلك المعايير- متطلبات التنمية وإعطاء الأولوية للبرامج الأكاديمية التي تحتاجها مصر في رحلتها نحو آفاق المستقبل وربوع التنمية. ونكف عن تأهيل جيل الغد لاحتياجات الأمس وننزع عن أنفسنا وعن أبنائنا معتقدات الماضي ونتخلص من التابوهات التي أفرزت عُقدا اجتماعية أطلقنا عليها عدة مسميات مثل "كليات القمة".. "وظيفة مرموقة" ولكننا نرى أن كل مهنة تساعد في نهوض الوطن هي مهنة مرموقة". وأضافت: "يجب أن نضع نصب أعيننا متطلبات التنمية، يجب أن يتم ذلك بلغة متفق عليها عالميا. فيجب أن تكون وحدة قياس المسطرة –أو المعايير- تلتقي مع معايير التصنيف العالمية والتي ساعدت جامعات كثيرة في تقديم خريج منافس دوليا. لا يجب أن يتمزق عضو هيئة التدريس لاعداد متطلبات لاعتماد داخلي وأخرى لتصنيف دولى وثالثة لاعتراف إقليمي أو مهني. فلا داع للعمل بمبدأ "خالف تعرف"، فكلما كانت الأمور ميسرة وواضحة كلما كان الإنجاز واضحا وسريعا". وشددت: "لا يمكن أن ينتج التعليم ما نتمناه من شركاء حقيقيين في قطار التنمية دون الاهتمام بأخلاقيات الخريج، فأخلاق الخريج ومن ثم المهنة أصبحت جزءا لا يتجزأ من مقومات النجاح في أي مهنة مهما كان حجمها". ودعت الشريف إلى الاهتمام بعضو هيئة التدريس والمعلم واستحداث البرامج الاكاديمية التي تلبي احتياجات التنمية والاهتمام بالأنشطة اللاصفية وتغيير نظم تقييم الطلاب وإتاحة مصادر المعرفة السليمة ومشاركة الطلاب في محو أمية المجتمع المحيط وإقامة مشروع تدريبي ضخم لإعادة تأهيل شباب الخريجين والاهتمام بالتوجيه الأخلاقي من خلال المناهج المقدمة وتضافر كل شركاء النجاح وتوحيد الجهود والتركيز على المسئولية المجتمعية الاستخدام الأمثل للوسائل المتاحة وإعطاء الوقت الكافي لإحداث التنمية وأخيرا الجدية والمحاسبية.
مشاركة :