سالم عبدالغفور | حذَّر عدد من مسؤولي شركات الصرافة المحلية من التداعيات السلبية، وربما الكارثية على الاقتصاد وسمعة الكويت، في حال تطبيق ضريبة على تحويلات الوافدين، مؤكدين أنها ستخلق سوقا سوداء دائمة، تخرج الغالبية العظمى من أموال الوافدين خارج النظام المالي برمته. وقال المسؤولون إن التأسيس لسوق سوداء في التحويلات، ربما يهدد الكويت بالعودة مجدداً إلى المنطقة الرمادية، ضمن الدول الأقل التزاماً في قائمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من قبل مجموعة العمل المالي فاتف (هيئة دولية تحدد المعايير لكيفية مكافحة الدول عملياتِ غسل الأموال)، ومن ثم قد تتعرض العديد من البنوك وشركات الصرافة إلى العقبات نفسها التي كانت تواجهها قبل انتقال الكويت إلى المنطقة البيضاء، اذ كانت تمتنع غالبية البنوك المراسلة العالمية عن التعامل معها. وتساءلوا: لماذا التعجل في فرض الضريبة على تحويلات الوافدين قبل تطبيق الضريبة على الشركات، ومن بينها شركات الصرافة؟! موضحين أن المبالغ المستهدف تحصيلها من الضريبة ستدفعها شركات القطاع أو جزء كبير منها عندما يتم تطبيق الضرائب على الشركات، مع تلافي المخاطر المحدقة بالكويت والقطاع المالي بسبب الضريبة على تحويلات الوافدين. وأضافوا أنه في حالة الإصرار على فرض الضرائب على تحويلات الوافدين فإن خزينة الدولة ستخسر ضرائب شركات الصرافة التي ستتراجع إيراداتها بشكلٍ كبير، كما سيكون على الدولة مكافحة السوق السوداء، مع الإضرار بسمعة البلاد المالية التي نجح البنك المركزي ووزارة الخارجية بمعالجتها بصعوبة. وأشاروا إلى أن ايرادات شركات الصرافة تتراجع تاريخياً كلما طلت السوق السوداء برأسها على إحدى العملات، وكان آخرها مع الجنيه المصري، فماذا سيحدث لو كانت شاملة لكل التحويلات والجنسيات؟! وأوضحوا أن عدداً كبيراً من الوافدين سيلجأ إلى الطرق التقليدية خارج النظام المالي لإرسال الأموال إلى بلدانهم، إما مع الأصدقاء أو عبر تسليمها لأشخاص ومكاتب صرافة تنشط تلقائياً في تلك الأجواء بالكويت، ومن ثم يتسلم ذوو المرسل المبلغ داخل بلدانهم مقابل عمولات أقل بكثير من الضرائب التي ستدفع. ولفتوا إلى أن فرض الضرائب على الوافدين دون المواطنين، قد يخلق سوقاً موازيةً، إذ سيلجأ الوافد للاستعانة بمواطن لتحويل المبالغ الخاصة به بدون رسوم، إما لعلاقات صداقة تربطهم، أو عبر اتفاق مالي يحصّل بمقتضاه المواطن نسبة عن التحويل. وقالوا إن المخاطر لن تقتصر على شركات الصرافة وسمعة الكويت فقط، بل ستطول المواطن والشركات الكويتية أيضاً، مشيرين إلى أن انخفاض تحويلات الوافدين خصوصاً من العمالة المنزلية وعمال الشركات، ستدفعهم للمطالبة بزيادات للرواتب. ولفتوا إلى أن الأمر قد ينطوى على تداعيات أكبر على قطاعات اقتصادية تعتمد بشكل أساسي على الانفاق الاستهلاكي. فعلى سبيل المثال قد يدفع هذا القرار عدداً أكبر من الوافدين لمغادرة الكويت نهائياً، لا سيما أنها تأتي في أعقاب أعباء عديدة فرضت عليهم منها الزيادات على البنزين والكهرباء والرسوم الصحية وغيرها. وذكروا أن أسواق التجزئة والسيارات والعقار الاستثماري قد تشهد ركوداً إضافياً، نتيجة خروج شريحة من السكان خارج الكويت نهائياً، أو لضعف قدراتهم المالية، علماً أن تلك القطاعات تعاني فعلياً من تراجع الطلب منذ سنوات. وأكد المسؤولون ان شركات الصرافة ستطلب من اتحاد شركات الصرافة عقد اجتماع عاجل لمناقشة تداعيات هذا التوجه، معربين عن استغرابهم من عدم طلب اللجنة المالية في مجلس الأمة الاجتماع معهم لبحث تداعيات تلك الضريبة. وفي الوقت الذي أكدت فيها شركات الصرافة، انه من السابق لأوانه الحديث عن هجمة استباقية لتحويل مدخرات الوافدين إلى بلدانهم قبل تطبيق الضريبة الجديدة، ذكروا انها ستتحول الى واقع فور إقرار الضريبة مما سيحرم البنوك من غالبية ودائع ومدخرات الوافدين. وأشاروا إلى انهم سيطلبون أيضاً الاجتماع مع بنك الكويت المركزي، الذي أبدى في السابق اعتراضه على فرض ضرائب على تحويلات الوافدين، محذراً من تداعياتها السلبية على الاقتصادي الوطني، مؤكدين تمسكهم بموقف «المركزي» السابق باعتباره الجهة الأقدر على تقدير التداعيات المالية لهكذا قرار. رأي «المركزي» وكان محافظ البنك المركزي د. محمد الهاشل قد أكد منتصف العام الماضي، في كتابه المحال إلى وزير المالية ردًا على سؤال برلماني، أنه لا يرى أن فرض ضرائب أو رسوم على تحويلات الوافدين من بين الاجراءات المناسبة لزيادة الايرادات غير النفطية، موضحاً في الوقت ذاته أن البنك ليس الجهة المختصة بدراسة فرض ضريبة أو رسوم أو وضع آلية محددة لتوجيه التحويلات الى الداخل. وقال الهاشل: إن البنك لا يؤيد فرض مثل هذه الضريبة على تحويلات الوافدين في ضوء ما لها من آثار سلبية على الاقتصاد الكلي في الكويت تفوق الايرادات المتوقعة منها. وأضاف أن حجم التحويلات الذي يتداول في وسائل الاعلام مبالغ فيه، أخذاً بالاعتبار أن فرض الضريبة يستلزم تكاليف تشغيلية وإدارية مع اللجوء إلى قنوات مختلفة في اجراء التحويلات الخارجية لتجنب دفع نسبة الضريبة، سيجعل من التحصيلات الفعلية لهذه الضريبة دون المستوى المتوقع، علمًا أن فرضها على التحويلات مقابل استيراد السلع سينعكس على كلفة البضائع وسيتم تحميلها على المستهلك. وأشار إلى أن هناك سلبيات أخرى لمثل هذه الخطوة إن تمت من بينها ايجاد سوق غير منظمة للتحويلات خارج نطاق السوق الرسمية للبنوك وشركات الصرافة، وذلك باستخدام قنوات وأساليب أخرى غير قانونية، وربما العمل بأسعار صرف متعددة، وقد يؤدي تطبيق الضريبة الى قيام الوافدين بإخراج الدينار والعملة الاجنبية من خلال المنافذ الخارجية للكويت واللجوء إلى اجراء التحويلات عن طريق المواطنين وهي ظاهرة غير مستحبة ولها سلبياتها، وقد يترتب على ذلك آثار تتعلق بمدى امتثال الكويت العضو في صندوق النقد الدولي لمواد الاتفاقية مع الصندوق. وأكد أن الضريبة سيكون لها تأثير سلبي على العمالة الوافدة ذات الدخول المنخفضة وربما يترتب على ذلك من منظور خارجي مخاطر تمس سمعة الكويت، وقد تقرأ وكالات التصنيف الائتماني العالمية فرض الضريبة بشكل سلبي قد يؤثر في تصنيفها الائتماني، اضافة الى أن فرضها لا يتواءم مع رؤية الكويت أن تصبح مركزا ماليا وتجاريا جاذبا للاستثمار الاجنبي. يذكر أن أرقام التحويلات وحسبما افادت به بعض شركات الصرافة تشمل تحويلات شخصية خارجية تخص مواطنين يقومون بتحويلها عن طريق مندوبيهم من العمالة الوافدة، إضافة الى التحويلات التي تتم لاغراض تجارية مقابل دخول سلع وبضائع الى الكويت ويتم دفع قيمتها ايضا بالتحويل الشخصي من قبل مندوبي التجار الكويتيين.
مشاركة :