تمثل سوق السمك في حياة أهل الكويت قديماً أولوية، ذلك لارتباطها بالنشاط الاقتصادي الأساس، المتمثل في ارتياد البحر الذي يقع قبالة المناطق القديمة، وقريباً منها، والقصد بالطبع من السوق الحصول على السمك بمختلف أنواعه. ولبعض الأسماك الصدارة حباً وطمعاً وذائقة عند أهل الكويت، ويمثل سمك الزبيدي أرغبها طلباً، والسؤال عنه يتردد على الألسن للدلالة على رخص أسماك السوق أو غلائها، يأتي بعده الأسماك المفضلة الأخرى كالسبيطي، والمزيزي، والشعم، والبالول، والهامور، والنقرور، والحمام، فضلاً عن أنواع أخرى تأتي في مواسمها ولها طعومها المميزة عن بقية الأسماك كالصبور، والميد، والبياح، والشيم، كما هناك أنواع من السمك تأتي في مرتبة أقل عند الناس، لذا تتميز برخص أسعارها كأسماك النويبي، والجنعد، والعندق، والباسي، والسكن، والفسكر، والشعري، والشماهي، والطلاح، والحمرة، وحلوايوه، والمزلقان، والوحر، والينم، والقرقفان، والسلس، والحاقول، والمچوه، والحاسوم، والزمرور، وغيرها، كما يباع بصورة دائمة القبقب، والربيان. ويباع أيضاً الخثاق (الحبار) الذي يستخدم عادة في صيد الأسماك، فضلاً عن القواقع البحرية. سوق السمك ترتبط بحياة أهل الكويت، ويحرصون في ذاك الزمان أن يأخذوا حاجتهم طازجة يومية، ولا يخزنه إلا القليل منهم في زمن لم تكن الكهرباء متوافرة لكل منزل، وكذا الحال في قلة تصنيع الثلج. يذهب إلى سوق السمك رب الأسرة أو من ينوب عنه كولده الأكبر، وفي أحايين قليلة المرأة حال غياب زوجها في السفر الشراعي أو في رحلة الغوص على اللؤلؤ، حاملين معهم حقيبة جلدية (چمته) يضعون فيها ما يشترونه من أسماك. وعادة يقوم السماك بتجهيز السمك لمن يشتريه، إن كان المطلوب للشواء، فإن تنظيف السمك يكون من جهة الظهر، وإن المطلوب لغير ذلك كالمطبق أو للمرق، فإن التنظيف يكون من جهة البطن، أما إزالة الحراشف (الصفط) فهي بحسب طلب المشتري. سوق السمك تفتح – كما هو الحال اليوم – بعد صلاة الفجر، حيث يتم فيها مزاد (حراج) للأسماك ليشتريها الناس فضلاً عن الباعة الذين يبيعونها بعد ذلك بيع تجزئة، لذا كان الناس وخاصة العوائل الكبيرة العدد يحرصون على حضور المزاد للحصول على بغيتهم من الأسماك. وفي سوق السمك أيضاً تباع الأسماك المملحة والمدخنة التي يحرص بعض الناس على شرائها لكونها تخزن لفترة طويلة من دون أن تفسد، ومن تلك الأسماك الخباط، والعوم، والمتوت الذي قد يستخدمه البعض لعمل المهياوة، ويباع كذلك الربيان المجفف. كما تباع في هذه السوق عدة صيد السمك ومتعلقاته مثل الخيط، والميدار، والبِلْد وغيرها. أما أدوات الصيد الكبيرة كشباك السالية والطاروف والليخ، والقرقور، فإنها تباع عادة على السيف قبالة سفن الصيد الراسية على الساحل. ويباع في سوق السمك أيضاً فخاخ صيد الطيور ومتعلقاتها. تبقى سوق السمك لها مكانة في نفوس أهل الكويت، لعشقهم البحر، وما يحتويه من رزق، لذا تفننوا في إعداد الطعام المتضمن له، فأضحى جزءاً لا يتجزء من المطبخ الكويتي. د. سعود محمد العصفور
مشاركة :