إذا ذكرنا النخلة في حياة أهل الكويت قديماً نتذكر قيمتها الغذائية، خصوصاً ما يخزن ويدخر من التمر في بيوتهم، فلا يخلو بيت لأهل الكويت من تمر، والكثير من مطعوماتهم يدخل فيها، كالتمرية والعصيدة والخبيصة والبثيث.. وغيرها، وحتى السمك يتمر بالتمر قبل الشواء. والتمر تحمله سفن الغوص كطعام يدخر لرحلة طويلة تمتد شهوراً، و«قلة التمر» أو «تنكة التمر» تمثل غنيمة يحتفظ بها في مكان لا يصل إليه الماء خوفاً من فساده. وغاية ما يأخذ البَحَّار «فندوس تمر» وهو جائع وهو مجموعة من التمر بقدر الكف أو أقل. ونواة التمر تسمى «فصمة» وتجمع على «فصم» تقدم للأغنام والماعز كطعام، وتستخدمه «الغمازة» بالغين أو «القمازة» بالقاف، هكذا يسميها الحضر، والبدو يسمونها «الرفاعة» وعملها يسمى «الترفيع»، وهي التي تحاول علاج اللوزتين، فتضع فصمتين في خرقة قماش ثم ترفعهما لترتفع اللوزتين، وكذلك تتخذ بعض الأمهات الفصم في القرصة كعقاب، فيضعن نواة «الفصمة» بين أصبعين ويقمن بفركها في الجلد لتحدث إيلاماً شديداً . وأما النخلة من حيث هي، فالاستفادة منها جمة، فعندما تثمر، يطيب أكل «الخلال»، وهو استواء الثمر قبل أن يتحول إلى رطب، وأما الرطب فقد يكون جزءاً من الثمرة، وإذا وصل إلى نصفها، قيل «مناصيف»، وإذا غمرها كلها، سمي «رطباً». وسعف النخل يدخل في صنع السلال على مختلف أنواعها وأشكالها، وسفرة الطعام، والزبيل (الزنبيل)، والمروحة اليدوية (المهفة)، والحصير، والمكنسة اليدوية (المخمة الخوص)، وأقفاص الطيور، فضلاً عن دخوله في صناعة الأثاث كالكراسي والفرش وغيرها، وفي أسقف البناء كالعريش. وقلب النخلة لذيذ الطعم، يندر بيعه، ويسمى بالكويتية «اليمار» عند الحضر، و«الجمار» عند البدو، ويؤخذ حين تقطع النخلة ولا يستفاد من ثمرها، فيكون «اليمار» آخر ما يستفاد منها. وأغلب إنتاج النخل في الكويت قديماً في مناطق الجهراء، والمنقف، والفنطاس، والفنيطيس، والراس، وأبو حليفة، وغيرها، حيث تجود التربة به، أما غالب ما يأتي من الخارج فمن العراق، خصوصاً البصرة، فضلاً عن إيران، والحسا بالسعودية، وأشهر أنواعه البرحي والخلاص من العراق والسعودية، والبريم من العراق، والقنطار من إيران، وهناك أنواع أخرى تجلب من تلك البلدان كالخنيزي، والصفري، والبيشي، والرزيز، والصقعي، وغيرها. و«السلوق» في حياة أهل الكويت له ذكرى، وهو نوع من التمر يحفظ مجففاً، يتناوله الناس في كل وقت، ويضعونه في فمهم يمص ويؤكل، والأولاد خاصة وحتى الكبار ذكوراً وإناثاً يضعونه في جيوبهم، يأكلونه كلما جاعوا. إنها النخلة التي شبه النبي صلى الله عليه وسلم المسلم بها، لا شيء منها إلا فيه فائدة، وجمالها في قومها وشكلها، ونظافتها، فلا تسقط ورقاً، ولا تتلف بيئة، وهي في حياة أهل الكويت قيمة لا يستغنى عنها. د. سعود محمد العصفور dr.al.asfour@hotmail.co.uk
مشاركة :