بعد النجاح الذي حققته وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية عام 1439، وذلك من خلال قيامها بالعديد من المبادرات العلمية، ومنها تدشين وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى مشروع إدراج كتاب حياة في الإدارة للدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - ضمن المهارات الإدارية لطلاب التعليم الثانوي، وذلك بهدف خلق كفاءات إدارية لتحقيق تنمية الوطن في شتى المجالات. إلا أن من الملاحظ في هذه المقررات وغيرها إغفالها لموضوع «استشراف المستقبل» على الرغم من أهمية تعليمه لطلاب المرحلة الثانوية، حيث لا يمكن أن يستمر نجاح أي مؤسسة ما لم تمتلك رؤية واضحة للمستقبل لتتمكن من خلق خطط علمية جيدة. كما أن كتب العلوم والمهارات الإدارية المطبقة اليوم ركزت على أهمية ريادة الأعمال في تقديم حلول مبتكرة لمشاكل المجتمعات المختلفة، فكيف ومن أين جاءت بهذه الحلول إلا عن طريق استشراف المستقبل، إذًا كيف أهملت أهم خاصية من خصائص رواد الأعمال وأهم متطلباتها وهو استشراف المستقبل؟ إذ إن الاستشراف مهارة تفكير محددة يتميز بها أشخاص عن غيرهم عن طريق التدريب والممارسة على مهارات التفكير، أهمها التفكير الناقد، فهي تتطلب قراءة جيدة للماضي والحاضر، فبدون القراءة لن يتمكن الطالب من عملية استشراف المستقبل. ومن نماذج استشراف المستقبل التي قامت بها وزارة التعليم في المملكة العربية: تجربتها مع كليات التربية، حيث تم إيقاف القبول بكليات التربية في عام 1439/ 1440، وذلك لتحقيق الأهداف الإستراتيجية للتعليم ضمن رؤية المملكة 2030. نستنتج أنه على الرغم من المحاولات لتشخيص الواقع التربوي واستشراف مستقبله، إلا أننا لا نستطيع أن نجزم بوصوله إلى المستوى المطلوب، فتظهر العديد من المعوقات، ومنها ما يتصل بالجانب الأكاديمي، من خلال تأهيل وتدريب العاملين عليه، وكذلك ضعف المراجع العربية في تناولها الجانب التطبيقي لهذا الموضوع، وأن استشراف موضوع محدد لا يعني أنه مطلق، ربما يرجع لتغير الواقع من حولنا خاصة في العلوم السلوكية. وجميعنا نتطلع إلى التنمية المهنية للعاملين في المؤسسات المختلفة بالدولة من خلال تأكيد وزارة التعليم على خلق بيئة ناقدة ومبدعة ومنهجية واضحة، ترسخ مفهوم استشراف المستقبل، وتحقق للمجتمع الرفاهية والأمن الاجتماعي.
مشاركة :