أدبي جازان.. بعث جديد | محسن علي السُّهيمي

  • 11/19/2014
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

شكَّلت منطقة جازان بمكوِّنها الجغرافي (الجبل والسهل والبحر) لوحة طبيعية، أسرت قلوب أبنائها، وشكَّلت نواة إبداعاتهم، وحرَّكت قرائحهم، وأخرجت ما يعتلج في صدورهم تجاه جازان والوطن والكون والحياة، فجسدوا ذلك شِعرًا عذبًا متدفقًا، حتى عُرِفت جازان بأنها ولاَّدة للشعراء، وأصبحت لا تُذكر إلا مرتبطة بالشِّعر في تلازم وثيق لا يقبل الانفكاك. ونتيجة لهذا المكوِّن وغيره برز عدد من شعراء جازان على المشهد الثقافي المحلي والعربي، وأصبحوا من الرموز الشعرية التي أَثْرَت الساحة الشعرية المحلية والعربية بنتاجاتها القيمة. تاريخ الشعر في جازان يمتد إلى القرن الرابع الهجري، فيبرز لنا الشاعر (أبو الحسن التهامي) الذي عُرف بقصيدته التي رثى بها ولده وجاء في مطلعها: حُكم المنيةِ في البريةِ جارِ ما هذهِ الدنيا بدارِ قرارِ ويتوالى ظهور الشعراء في جازان عبر القرون حتى نصل إلى العصر الحديث، حيث يبرز لنا شعراء كبار يأتي في مقدمتهم الشاعران (محمد السنوسي ومحمد العقيلي) وغيرهما من الشعراء الذين لا تتسع المساحة لحصرهم، خاصة الشعراء الذين برزوا خلال الأربعة العقود الأخيرة وتسنموا مراكز متقدمة في سُلَّم الشعراء المحليين والعرب، وحصدوا جوائز قيِّمة في عدد من المسابقات والمهرجانات الشعرية. منطقة بهذا التنوع الجغرافي، وبهذا الثراء الشعري، وبهذه الأسماء المبدعة استحقت ناديًا أدبيًّا، يلتف حوله الأدباء والمثقفون، ويعمل على تعزيز صوتهم، وإبراز وصقل مواهبهم، وهو ما كان حينما تأسس نادي جازان الأدبي عام (1395هـ). ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا تتابعت على رئاسة مجلس إدارة النادي عدة أسماء بلغت حسب علمي (9) أسماء. خلال الفترة الماضية شهد النادي فترات ازدهار ثم مد وجزر، وهذا أمر طبيعي يحدث في المؤسسات كلها، لكنَّ الأمر الذي لم يَسُر المثقفين في جازان وخارجها هو حالة التفكك وتشتت الرؤى وتواضع المُخرَج الذي شهده أدبي جازان في السنوات الأخيرة. كلنا تابع بحسرة -عن بُعد- ما جرى في أدبي جازان، وكلنا كان يرجو أن ينتشل العقلاءُ في المنطقة ناديَهم من مستنقع التنازعات والتحزبات والخلافات التي استقرت به في هوة عميقة من الغياب المؤلم. لن نخوض في ماضي النادي، ودعونا نستبشر بصفحة جديدة فُتحت الأسبوع المنصرم خلال زيارة مدير عام الأندية الأدبية الدكتور أحمد قرَّان للنادي واجتماعه بمجلس إدارته وببعض الرموز الأدبية والثقافية في المنطقة، وخروجهم بحل توافقي عندما تنازل مشكورًا رئيس المجلس المكلَّف الحسن آل خيرات عن رئاسة النادي، وتم تكليف حسن الصلهبي رئيسًا للفترة المتبقية حتى تحل انتخابات مجالس إدارات الأندية الأدبية بعد قرابة ثمانية أشهر. الجازانيون عُرف عنهم اللُّطف والأُلفة والقلوب النقية ودماثة الخلق والأرواح البيضاء، ولذا فحريٌّ بهم وتلك صفاتهم أن يقدِّموا مصلحة ناديهم على مصالحهم الذاتية، وأن يلتفوا -خاصة المثقفين- حول ناديهم الأدبي الذي يمثل منارة إشعاع أدبي وفكري، وأن يأتوا إليه منحازين للعمل الثقافي، وأن يمنحوا حالة التوافق الأخيرة ما يعززها مستقبلاً؛ فجازان منطقة غنية بالمواهب الأدبية والفكرية التي أثْرتِ المشهد الأدبي والثقافي المحلي والعربي. جازان منبتُ الفُلِّ والكاذي وموطن الجَمال الطبيعي وملهمة الشعراء، ولذا يجدر بأبنائها أن يتمموا هذه الهِبات الربانية بعمل خالص يجعل الحياة تتدفق من جديد في شرايين الأدب والثقافة عبر ناديهم الأدبي. وبعد.. فقَدَرُ جازان أن تكون ملهمة، وأن تكون أرواح أبنائها شاعرة، وعليه فلا سبيل أمام شعرائها ومثقفيها إلا مباركة حالة التوافق الأخيرة؛ ليبعثوا في ناديهم فجرًا جديدًا يبوِّئه مكانته اللائقة. وقفة: نرحب في اللجنة الثقافية بمحافظة العُرْضِيَّات التابعة لأدبي جدة بالشاعر الناقد الدكتور يوسف العارف في الأمسية الشعرية التي تنظمها اللجنة مغرب اليوم بقاعة قصر الوسام في مستهل موسمها الثقافي الثاني. Mashr-26@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :