“أدبي جدة”.. شرف الريادة | محسن علي السُّهيمي

  • 2/5/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

للرواد مآثرهم التي تخلد في ذاكرة الأجيال، ولهم أعمالهم الجليلة التي تظل شاهدة على هممهم الشامخة المتطلعة لترك أثر ذي نفعٍ متعدٍّ للأجيال اللاحقة. تأتي قصة نشأة الأندية الأدبية في المملكة لتعيدنا إلى جيل من الرواد نقش اسمه في صفحات العطاء الإنساني؛ حينما جعل الاهتمامَ بالأدبِ والثقافةِ والرقيَّ بالفكرِ والوعيِ هدفَهُ الأسمى الذي سعى إليه بكل إمكاناته وقدراته. محمد حسن عواد وعزيز ضياء اسمان لا يمكن لمنصف متتبع لمسيرة الأدب وحواضنه الأولى إلا أن يستحضرهما بعصاميتهما وهمتهما ونظرتهما الواعية التي تخطت زمانهما لتتمخض عنها -بمباركة ودعم الأمير فيصل بن فهد- ولادة النادي الأدبي بجدة في (29/2/1395هـ) كأول نادٍ تأسس -على مستوى المملكة- يُعنى بالأدب ومتعاطيه، ويتبنى المواهب ويرعاها، ويعمل على رفد الحركة الأدبية والثقافية والفكرية بمخرجاته القيِّمة. بالتأكيد فولادة النادي الأدبي بجدة شكَّلت منعطفًا مهمًّا في مسيرة الأدب والثقافة والفكر، كيف لا والنادي منذ تأسيسه وهو قِبلة للمهتمين بالشأن الأدبي والثقافي والفكري، وصومعة للمتبتلين في محراب اللغة الخالدة، ومنهل عذب للأرواح الظمأى لمعين الكلمة الراقية، وملتقىً لمن أقلقتهم المعرفة وفتنهم الحرف من النخب المثقفة. وبالأمس احتفل مجلس إدارة النادي بمرور (40) عامًا على تأسيسه في احتفال بهيج شرَّفه الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل، ورعاه معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، بحضور نخبة من المثقفين ورجال الفكر والأدب. خلال الأربعين عامًا الفارطة تعاقب على رئاسة النادي ستة رؤساء، أهم عنصر في جواز عبورهم لكرسي الرئاسة هو اشتغالهم بحرفة الأدب وتعاطيهم للهم الثقافي والفكري، بدءًا بالعواد ثم ضياء ثم القرشي ثم أبي مدين ثم القحطاني وانتهاءً بالسُّلمي رئيسه الحالي، هؤلاء جميعهم كانت لهم بصماتهم التي أثْرت ولا تزال تُثري الحركة الأدبية والثقافية والفكرية بالمفيد، ويمكن للراغب في الاستزادة عنهم العودة لإصدار النادي بهذه المناسبة المسمى (مسيرة 40 عامًا) فقد فصَّل سِيَرَهم، وتتبع مسيرة النادي ورصد إنجازاته ومخرجاته طوال مسيرته الثرية. ما استثار شجوني واستجلب آهاتي واستمطر عبراتي خلال احتفالية النادي السالف ذكرها هو ما شاهدتُه في (العرض المرئي والإصدار المذكور) من صور تقادم عهدُها وبعضها لا يفصلنا عنها سوى سنوات معدودة، حينما أبرزت القيمة المتعاظمة للأدب في نفوس الأجيال السابقة، وأبرزت الحس الثقافي لديهم، والنهم الفكري والمعرفي الذي تميزوا به، وأبرزت بجلاء إقبالهم الكبير على مناشط النادي الأدبية والثقافية والفكرية؛ فكثافة حضورهم لتلك المناشط تشي بنهمهم للأدب والثقافة والفكر، تشي بتعلقهم بأعلامها ورموزها، وهذا يجعلنا نعقد مقارنة -غير متكافئة- بين ذلك الجيل وجيل اليوم الذي أصبح جهازُ جوالِهِ كتابَهُ ومصدرَ معرفتِهِ، وأصبحت ثقافته تقوم على وجبات معرفية سريعة يتلقفها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفارغة مضمونًا. ألَمٌ يعتصر الفؤاد، وقلقٌ يستوجب الشفقة، وحسرة تعصف بالروح وهي ترى حالة القطيعة المعرفية والجفاء المتنامي -من قِبل الجيل الحالي- مع روافد الأدب والثقافة والفكر عبر مظانها الأصلية وحواضنها الأولى. هذا هو الواقع المرير الذي يدهمنا ولا سبيل لدفعه إلا بمعجزة، ولذا نرى أدبي جدة يحاول اليوم جاهدًا تنويع برامجه ومناشطه ونقلها خارج أسواره؛ فيعمل على إبرام شراكات مع المؤسسات الرسمية والأهلية، وينوع مبادراته وجوائزه، بل عمل على افتتاح لجان ثقافية في المحافظات كلجان (القنفذة، خليص، الليث، العرضيات) التي توالى افتتاحها ودعمها منذ إدارته السابقة في عهد الدكتور عبدالمحسن القحطاني حتى إدارته الحالية. وبعد.. "فالأمل معقود على الأجيال القادمة، والتحدي أمامهم شاخص بعد أن تعددت حواضن الأدب وحواضره، وأصبح كل يدعيه ويمتطيه، ولكن تظل مؤسسته تعلن: أن الأنقى هو الأبقى".. د. عبدالله السُّلمي. Mashr-26@hotmail.com Mashr-26@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :