ورقة العلاج بالخارج، هي وسيلة تلعبها الحكومة ممثلة بوزارة الصحة لإيفاد حالات صحية للعلاج بالخارج من طرف نواب لكسب الولاءات الحكومية. وقد سبق لوزير المالية السابق أنس الصالح التأكيد أن وزارة الصحة تصرف على هذا النوع من العلاج من دون أي اعتبار للشؤون المالية المخصصة له في الميزانية، وهنا تقع الخطورة، ولهذا نجد تجاوزات مالية لا حدود لها!فقد تجاوزت وزارة الصحة من خلال عملية الصرف مبلغا وقدره 654.592 مليون دينار لم تتم تسويته لغاية اليوم. كما لوحظ ان هناك حالات عديدة ارسلت الى مستشفيات داخل الكويت وتم التعامل معها على انها «علاج بالخارج»، ما يمثل مخالفة صريحة للصحة بصرفها اعتمادات في غير أغراضها رغم معرفة الحكومة لمدى خطورة هذا الامر على الميزانية العامة للدولة. وبالتالي يجب على الحكومة عدم تجاهل الملف من اجل ارضاء بعض النواب، وانما وجوب تخصيصه للحالات المستعصية فقط مع ضرورة تقنين التوسع في ملف العلاج بالخارج. ما يحزننا ان عملية الهدر الزائد في هذا الملف تفوق متوسط المصروف الفعلي في وزارة الصحة خلال السنوات المالية السابقة 2016 /2017 لتبلغ نحو 570 مليون دينار! كما ان هناك حالات تزوير فاقت التصورات وبلغت قيمتها نحو 825 ألف دينار ما ادى إلى إجراءات من وزير الصحة السابق د. جمال الحربي، لتفادي اي تجاوزات في المستقبل ومعالجة القصور. وفي ضوء ذلك، تمت احالة اكثر من قضية تجاوزات مالية وادارية للنيابة العامة، مثل تجاوزات المكتب الصحي في واشنطن 2014، وتجاوزات المكتب الصحي في فرانكفورت 2016، وتجاوزات المكتب الصحي في لندن 2017، إضافة إلى ملف تزوير فواتير بعض المرضى في الصيدليات الخارجية... فلا توجد احكام قضائية نهائية تدين مسؤولين في وزارة الصحة من اي تسبب في المخالفات المالية والادارية ،وإنما خسائر تكبدها المال العام وتم رصدها وتدوينها في تقارير ديوان المحاسبة على وزارة الصحة والجهات التابعة لها. فلا يجوز لوزارة الصحة إرسال مرضى - محسوبين على النواب - او التمتع باجازة الصيف من دون اي اعتبار للميزانية او تجاوز حرمة المال العام! لقد سبق لوزارة المالية ان ابلغت وزارة الصحة عن الحسابات الخارجية التي تظهر ان هناك مبالغ تجاوزت الدفعات والاعتمادات النقدية في الخارج، وبالتالي ينبغي موافاة المالية بتفاصيل المبالغ المرصودة وما يخص علاج المواطنين مع اسباب عدم تسويتها في حينه، وهي بالتأكيد تعد مخالفة واضحة لقواعد تنفيذ الميزانية لاسباب عدة، من ضمنها عدم امكانية تغطية اي عجوزات في الباب الخامس بميزانية الصحة، وذلك لعدم وجود اعتماد تكميلي يعالج هذا الباب ثم عدم وجود وفورات تسمح بتغطية العجز المطلوب. نعم هناك ضخامة واضحة للمبالغ المرصودة لمصروفات العلاج بالخارج وسط عملية تقاذف المسؤوليات بين وزارتي الصحة والمالية حول عملية تضخم حساب العهد للمكاتب الصحية في الخارج والذي بلغ حالياً نحو مليار و80 مليون دينار حتى نهاية السنة المالية السابقة. ولا يزال كل طرف يتهم الآخر على انه السبب في تضخم رصيد حساب العهد، خصوصاً في ما يخص الدفعات والاعتمادات المالية للمكاتب الصحية، وبالتالي هذا النزيف المالي مستمر بمبالغ تفوق المعتمد منها في ميزانية العلاج بالخارج... في كل عام يتم العمل على ايجاد نظام آلي معتمد من الدولة بين وزارتي الصحة والمالية لتلافي اوجه الخلل، وفي نهاية الامر تظل الكويت هي الضحية في هذا الهدر اللا معقول.على وزارة الصحة ان تستعين بمكاتب تدقيق خارجية لمراجعة مطالبات المستشفيات والمكاتب الخارجية، للتأكد من سلامة تلك المستندات. ففي الواقع، تتحمل وزارتا الصحة والمالية، ظهور هذه المخالفات المالية والادارية وعليهما تحمل مسؤولية اي مبالغ يتم صرفها للعلاج او صحة صرفها من عدمه. الحكومة مطالبة بمعالجة الملف بعيداً عن المحسوبيات والواسطات... فهذا العلاج حق مشروع لكل مواطن، ولكن لن ينصلح الحال إلا من خلال لجنة طبية عليا تنظر في كل حالات المواطنين المرضية من دون تفرقة...«حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه».alifairouz1961@outlook.com
مشاركة :