من أهم الظواهر التي شهدتها انتخابات الرئاسة المصرية التي أعلنت نتائجها الرسمية، ورصدها كثيرون بناء على المشاهدات العامة، ان النساء وكبار السن كانوا الأكثر مشاركة في الانتخابات مقارنة بمشاركة الشباب. هذه الظاهرة بحاجة إلى دراسة وتحليل لفهم أسبابها، والعوامل التي دفعت النساء وكبار السن إلى هذه المشاركة الكبيرة، وفي نفس الوقت العوامل التي جعلت مشاركة الشباب ليست بالمستوى المنشود أو المتوقع. في كل الأحوال، المؤكد ان أي تحليل للظاهرة أو حديث عنها لا بد ان يتوقف بكثير من التقدير والإشادة بالنساء المصريات وكبار السن والدور الوطني الذي لعبوه بهذه المشاركة الكبيرة. وقد كتب كثيرون بالفعل عن هذه الظاهرة وأشادوا بها. حول هذه الظاهرة، قرأت كلاما غبيا جدا، هو في الحقيقة أغبى ما قرأته على الاطلاق. موقع اسمه «ميدل ايست آي» نشر تقريرا عنوانه: «كبار السن أضاعوا مستقبل مصر». وكما هو واضح من العنوان، يعتبر التقرير ان مشاركة هذه الأعداد الكبيرة من كبار السن في الانتخابات يعتبر ظاهرة سلبية وليست إيجابية، وأنها تلحق الضرر بمصر والمصريين على اعتبار انها تعطي صورة غير صحيحة عن حقيقة الأوضاع السلبية الموجودة، وحقيقة انه لم توجد منافسة حقيقية في الانتخابات. من الواضح ان الذين اعدوا التقرير كانوا يتمنون فشل الانتخابات في مصر، ولم يجدوا ما يشوهون به الانتخابات غير هذا الكلام الغبي. لم استغرب اطلاقا ان ينشر هذا الموقع مثل هذا التقرير. السبب ببساطة ان هذا الموقع أنشأته قطر وتموله، وليس له من مهمة الا الهجوم على الدول الأربع المقاطعة وتشويه الأوضاع فيها عن عمد. ومع هذا، فإن محاولة تشويه صورة الانتخابات بهذا الكلام الغريب قمة في الغباء كما قلت. من حيث المبدأ، حرص أي مواطن في أي بلد على ان يقوم بواجبه الوطني ويشارك بالتصويت في أي انتخابات، يجب أن يكون موضع تقدير في كل الأحوال. هذا هو ما تقضي به قواعد وأسس الديمقراطية في العالم كله. مقاطعة الانتخابات، أو التقاعس عن التصويت بأي دافع أو سبب، ليس بالموقف الذي يمكن الترحيب أو الإشادة به. وفيما يتعلق بهذه الظاهرة في مصر، حقيقة الأمر ان كبار السن، نساء ورجالا، اثبتوا أنهم الأكثر وعيا وإحساسا بالمسؤولية الوطنية، والأكثر إدراكا لحقيقة التحديات والأخطار التي تواجهها البلاد. وقد ترجموا هذا بمشاركتهم الكثيفة في الانتخابات الرئاسية. في مواجهة دعوات البعض إلى مقاطعة الانتخابات، وفي مواجهة ما تردد من أن الانتخابات نتيجتها محسومة ومن ثم لا داعي للمشاركة فيها، أصر كبار السن هؤلاء على ان يثبتوا خطأ كل هذه الحسابات، وأن يؤكدوا ان الشعب مصرّ على الدفاع عن الوطن وحمايته. وحقيقة الأمر ان هذه المشاركة ستكون بحد ذاتها اكبر حافز على الإصلاح والتغيير في مصر في فترة الولاية الثانية للرئيس السيسي، فقد اعطي تفويضا شعبيا جديدا للعمل على تلبية مطالب وطموحات المواطنين. واذا كان هذا التقرير من أغبى ما قرأت حول مشاركة كبار السن في الانتخابات المصرية، فمن أجمل ما قرأت حول نفس الموضوع ونفس الظاهرة، ما قاله عبدالله ذيوب رئيس بعثة الاتحاد الإفريقي لمتابعة الانتخابات. في اثناء تقديمه تقرير البعثة عن نتائج مراقبتها وإشادته بالانتخابات بصفة عامة والأجواء التي جرت فيها، قال: «ان مشاركة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة أجمل ما في الانتخابات المصرية».
مشاركة :