محمد حنفي | توقع الباحث العراقي في تاريخ الأديان والحضارات القديمة د. خزعل الماجدي مزيدا من الحروب الجديدة في المنطقة، تنهي الحضارات الشرقية بالكامل، وتفكك المدنية العالمية إلى حضارات تسيطر عليها القومية المادية والعلمية، كلام الماجدي جاء خلال محاضرته «غربة الحضارات الشرقية في العصر الحديث» التي ألقاها في مركز جابر الأحمد الثقافي بالتعاون مع مكتبة تكوين وقدم لها الشاعر محمد العتابي. قسم الماجدي محاضرته إلى ثلاثة أقسام؛ الأول منها كان بمنزلة مقدمة في علوم الحضارة وعلمائها وأنواعها، وبدأ بتصنيف العصور التاريخية إلى اربعة (القديم، الوسيط، الحديث، والمعاصر الذي نعيشه الآن)، وفرق في هذه المقدمة بين الثقافة، وهي العناصر المكونة لمجموعة بشرية محدودة، والحضارة التي عرفها على أنها أكثر شمولا وتضم العناصر المكونة لمجتمع كبير عاش زمنا أكثر في حركة التاريخ. وبعد أن تطرق الماجدي إلى اشهر علماء الحضارة أمثال: غوستاف لوبون وول ديورانت وتوينبي وشبنجلر، حدد 12 مظهرا للحضارة هي: الجغرافيا، التاريخ، السياسة، الاجتماع، الدين، الثقافة، العلم، المادية، الفن، النفسية، التربية، الأخلاق، ثم وضع الماجدي تصنيفا للحضارات القديمة جعل في قمته الحضارتين المصرية والسومرية.صراع الحضارات في القسم الثاني من محاضرته تحدث الماجدي عن صراع الحضارات الشرقية والغربية، وهو الصراع الذي كانت الغلبة فيه للحضارة الغربية، حيث اشار إلى ان مجموعة من الأسباب الداخلية وراء انهيار الحضارات الشرقية يقف على قمتها الاستبداد الشرقي الذي تجسد في تأليه الحكام، وتحويل المواطنين إلى عبيد مع غياب تام لدور المؤسسات، بينما اورد مجموعة من الأسباب الخارجية تتجسد في الصدام العنيف بين الحضارات، بسبب حاجة الإنسان إلى التقدم العلمي والمادي الذي تفتقده الحضارات الشرقية وينمو ببطء في الغربية. وقدم الباحث العراقي مثالا صارخا على هذا الصراع، حيث استطاعت مدينة أثينا التي تمثل الحضارة الغربية إلحاق الهزيمة النكراء بالإمبراطورية الفارسية، حيث كان المواطن الاثيني يشعر بالحرية والمساواة وسيادة القانون، بينما الإمبراطورية الفارسية حولت المواطنين إلى عبيد.الدين يصنع الحضارات تحدث الماجدي في هذا القسم ايضا عن علاقة الدين بالحضارة، حيث اشار إلى أن العصور الوسطى شهدت بزوغ ثلاث من الديانات الكبرى: البوذية والمسيحية والإسلام، حيث أصبح الدين بديلا للحضارة وانتجت الاديان حضارتها الخاصة. كما ألقى الضوء على انتقال الحضارات من العصر الوسيط إلى العصر الحديث، حيث توقفت الحضارات القديمة عن العطاء، وبدأ بزوغ عصر الحضارة الغربية، وحيث انتقلت الحضارة الغربية الحديثة إلى الحضارة المعاصرة حتى عام 1945، ثم ما أطلق عليه «المدنية الأوروبية المعاصرة» التي نعيشها الآن والتي تجسدها العولمة وصراع الحضارات والحرب على الإرهاب، وخمن الخالدي بأنه في نهاية هذه الدورة المدنية المعاصرة سيتعلم الشرق درس التاريخ الحديث والمعاصر ببناء حضارات علمية مادية مرتبطة باقتصاد عالمي مرن وبنسق حضاري عالمي واحد.غربة الحضارات الشرقية في القسم الثالث من محاضرته تحدث الماجدي عن غربة الحضارات، حيث حصلت الحضارة الإسلامية والعربية على درجتين من الغربة، لأنها توقفت عند العصور الوسيطة ولم تواكب العصرين الحديث والمعاصر، أما الحضارة الغربية فلا تعاني من الاغتراب لأن العطاء فيها تواصل في عصور الحضارة المختلفة، وهي حاليا تعيش مرحلة الحضارة المعاصرة. وانهى الماجدي محاضرته بوضع مجموعة من المشكلات والحلول الحضارية للعناصر الحضارية الـ12 التي حددها من قبل، ففي العنصر السياسي اشار إلى أن المشكلة تكمن في وجود الأنظمة الثيوقراطية أو الدكتاتورية أو العشائرية، ووجد الحل في تبني النظام القائم للديموقراطية والتعددية، بينما وجد أن مشكلة العنصر الثقافي تكمن في تابعية الثقافة للأيديولوجية السياسية أو الدينية، وأن الحل يكمن في حرية الثقافة وعدم تبعيتها للدولة، بينما وجد أن مشكلة العنصر الديني تكمن في تحويل الدين إلى نهج وحيد لتنظيم شؤون الحياة، بينما رأى أن الحل يكمن في سير الحياة وفقا للقانون والمساواة والعمل.
مشاركة :