«العالم برؤية كروية» في «اللوفر أبوظبي»

  • 4/13/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أبوظبي: علي داوود على الرغم من بداهة كروية الأرض اليوم، لم يكن الأمر بذلك الوضوح في زمن كانت معرفتنا بالعالم تقتصر فقط على جزء صغير منه، وانطلاقاً من رصد السماء وتفسير دورانها بالمعادلات الرياضية، بدأ علماء الإغريق القدماء يعتقدون أن الأرض مستديرة وأنها تقع في مركز الكون المؤلف هو أيضاً من كرات مترابطة تضم النجوم والكواكب والشمس والقمر، وقد كان لمجسمات الكرة الأرضية والسماوية وآلات ذوات الحلق عظيم الأثر في نشر هذا التصور الكوني على مدى الأزمان.ويسلط معرض «العالم برؤية كروية» الضوء على تاريخ النموذج الكروي للكون ومختلف أدواته الفلكية ذات الأبعاد الرمزية والفلسفية، ليتيح للزائر فرصة الاطلاع والتعرف إلى هذه الكرات.ويحتضن المعرض الأشكال الكروية ورمزيتها في ثورات القرنين السابع عشر والثامن عشر، حيث شكك المثقفون بالأسس التقليدية لنظرياته، فأخذت الشمس مكان الأرض في مركز الكرات السماوية ومع الاكتشافات الجديدة لعلماء الفلك من خلال المناظير العملاقة والفعالة.عندما تطأ قدماك معرض العالم برؤية كروية تلاحظ عدداً من الكرات المعروضة في المتحف وقصة كل واحدة منها التي من بينها: فينشينزوماريا كورونيلي (1650 1718) وهو مجسم مطبوع للكرة السماوية، باريس 1693، مصنوع من ورق، خشب، نحاس، إضافة إلى مجسم فينشينزوماريا كورونيلي من نفس العام لكنه كان في البندقية سنة 1688، فهو من ورق، خشب، نحاس، فضلاً عن جيروم مارتينو (16711725) هذه الكرة ذات الحلق أرضية المركز وفق نظام بطليموس والتي تتحرك بفضل نظام عمل الساعة، وكان ذلك في باريس بين 1709 و1718، وأيضاً مصنوع من نحاس وخشب وذهب. اللافت في الأمر أن هذه الكرات الثلاثة صنعت في عهد الملك لويس الرابع عشر(16431715) وهي عبارة عن نماذج مصغرة تمثل مفهوم الكون الكروي بحسب المبادئ الموروثة عن العصور القديمة، كما تعكس هذه الكرات أحدث الاكتشافات الجغرافية والفلكية آنذاك، وقد صممت بهذه التصميمات لتلبي فضول النخبة الأوربية الثرية والمولعة بالجغرافيا والعلوم الفلكية، ما يؤكد عمل تحف فنية حقيقية تتميز بقيمتها المادية وتطورها التقني، إلى جانب قيمتها العلمية كموسوعة معرفية شاملة، وخلال جولتنا في المعرض تعرفنا أيضاً إلى كرة سماوية من نحو 200ق.م. معمولة من فضة منقوشة في باريس. أقدم الكرات السماوية منذ عصر إيودوكسوس كنيدوس في القرن الرابع قبل الميلاد صنعت العديد من الأجهزة المختلفة التي جسدت مفهوم كروية الكون، حيث يعود تاريخ هذه الكرة السماوية المصنوعة من الفضة والتي عثر عليها في شرق تركيا للقرن الثاني قبل الميلاد، وتعتبر من أقدم الكرات السماوية المعروفة للدنيا، وقد نقشت عليها صور الأبراج الثمانية والأربعين المستوحاة من الأساطير الإغريقية لتسهيل حفظ مواضع النجوم في السماء، كما نقش أيضاً خط الاستواء السماوي والمدارين ومسار الشمس الذي يصور مسيرة الشمس على مدار العام.ويتعرف الزائر في المعرض إلى أورانيا إلهة العلوم الفلكية تحمل كرة أرضية من رخام، حيث تنحني أورانيا فوق جسم رسم عليها مشهد اختطاف أسطوري، وتشير بعضها (مفقودة) للكرة الأرضية، دلالة على تأثير الأجرام السماوية في الأحداث التاريخية، فهي من إيطاليا، القرن الأول للميلاد. علاوة على كرة سماوية من إسبانيا مصنوعة من نحاس أصفر مصبوب ومنقوش، تعود للقرن الحادي عشر، من عمل إبراهيم بن سعيد السهلي الوزان، بجانب كرة سماوية لوينس بن الحسين الأسطرلابي، فهو مجسم كروي يضم 1025 نجماً و48 كوكبة كونه من أقدم المجسمات المصنوعة في الشرق الأوسط أصفهان (إيران) 1144 1145 مصنوع من نحاس أصفر مصبوب ومنقوش ومطعم بالفضة. الكرات السماوية الإسلامية لم تقم إلا 10 مجسمات كروية إسلامية مصنوعة قبل القرن الخامس عشر بتصوير النجوم 1022والكوكبات 48 الموصوفة في كتاب المجسطي لبطليموس. وقد صنعت أقدم الكرات في الأندلس في الغرب الإسلامي خلال القرن الحادي عشر، حيث زودت بحلقتي الطول والأفق واستعملت لإجراء العديد من الحسابات، كحساب طول الأيام ومشارق النجوم ومغاربها، وتحديد الأوقات، وقد استحبها الأمراء والسلاطين لقيمتها الفنية والرمزية.وأبدع مارتن بيهايم (14591507) في كرة أرضية، نسخة مخطوطة باليد عن الكرة الأصلية المحفوظة في نورنبيرغ في ألمانيا 1492نسخة طبق الأصل 1447، إضافة إلى ذلك خلال الجولة في المعرض يمكنك التعرف إلى كرة أرضية تعرف باسم «الكرة الخضراء» فهي من عمل منسوب لمارتين فالديسمولر (1470 1520)، سانت دييه؟ (فرنسا) نحو عام 1506وخلال الجولة يمكن للزائر التعرف أيضاً إلى عمل مجهول الهوية، حيث ترى الكرة ذات الحلق الشمسية المركز وفق النظام الكويرنيكي «الذي يقول بأن الأرض متحركة وأن الشمس ثابتة في مركز الكون»، وذلك نحو عام 1725 من باريس المكتبة الوطنية الفرنسية. المجسم يمثل المجسم الكروي المخلص المثالي لحصيلة المعارف والاكتشافات الجغرافية القديمة منها والجديدة، لذا نرى على الكرة الأرضية المخطوطة باليد والمعروفة باسم «الكرة الخضراء» والمصنوعة في عام 1506 أول تصوير للقارة الأمريكية التي كانت لاتزال غائبة عن الكرة الضخمة التي صنعها مارتن بيهام في عام 1492، كما صور مسار رحلة ماجلان 1519 على الكرة الذهبية نحو عام 1553 قصص البشرية قال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: نحن نعيش في عصر يتميز بالاكتشافات العلمية التي لم يشهد التاريخ مثيلاً لها من قبل، وقد تغيرت نظرة الإنسان للعالم نتيجة هذه التكنولوجيا الجديدة، من هنا نرى أهمية هذا المعرض بالنسبة إلى المتحف. وأشار خلال افتتاح المعرض مؤخراً إلى أن المعرض سيقدم للزوار قطعاً أثرية تاريخية، بما في ذلك بعض أقدم الكرات الأرضية والسماوية وأول الأسطرلابات في العالم الإسلامي، والتي ربطت العالم من العصور القديمة وحتى يومنا هذا، مؤكداً أن المجموعة المعروضة تعكس روح اللوفر أبوظبي وقصة البشرية التي يرويها من خلال قطع رائعة معارة من المكتبة الوطنية الفرنسية، ومتحف اللوفر في باريس، ومتحف الفنون والحرف، وقصر فرساي، ومركز بومبيدو.وأكد منسق المعرض فرانسوا ناوروكي أن معرض «العالم برؤية كروية» لا يشكل فقط فرصة استثنائية لعرض الكرات السماوية والأرضية الأثمن والأندر في المجموعات الفرنسية، بل يروي أيضاً قصة جوهرية طويلة المدى قصة الرؤى الكروية للكون، من منظور العلوم الفلكية والجغرافية، والدين والفلسفة. وأضاف» هذه النظريات، التي ولدت في بلاد الرافدين ومنطقة البحر الأبيض المتوسط في ذلك الوقت، انتشرت وتطورت عبر حوار العلماء من جميع مناطق العالم، لتتجسد في قطع وصور تطورت أشكالها بشكل مستمر، كما أن هذه المعروضات تسلط الضوء على نظام رمزي معقد تطور مع مرور الزمن ودمج ما بين موروثات العديد من الأساطير والثقافات في العالم، ويبين على وجه الخصوص المساهمات الجوهرية للعلوم العربية، عند لقاء الحضارات، وأضاف إننا سعداء وفخورون لتقديم المعرض هنا، في متحف اللوفر أبوظبي.

مشاركة :