أعلن مكتب تنظيم الاتصالات في بريطانيا أن البريطانيين يقضون وقتاً في استخدام الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتراللوحي .. والاستماع للإذاعة ..أطول مماينامون.. بفضل توفر الاتصالات في المنزل وأثناء السفر!! وقال المكتب إن متابعة وسائل الإعلام واستخدام الاتصالات تستغرق ساعة وسبع دقائق في المتوسط يومياًمن حياة البريطانيين.. بزيادة أكثرمن ساعتين منذعام عندما كانت المدة ثماني ساعات ودقيقة..! وقال المكتب إن الهواتف الذكية التي يستخدمهاالآن في المئة من البريطانيين وأجهزة الكومبيوتراللوحي هي السبب في هذه الزيادة.. حيث تُتيح للناس استخدام الإنترنت أثناء التنقل..! وأضاف المكتب أن التقنيات الجديدة هي أيضاً مسؤولة عن طغيان العمل أكثر فأكثر على الأوقات الشخصية للناس.. حيث ينجز ستة من بين كل عشرة أشخاص عملهم خارج الساعات المحددة للعمل.. بينمايقوم في المائة بقراءة رسائل مرتبطة بالعمل وإرسالها بالبريد الإلكتروني أو في رسائل نصية وهم في الفراش..! ويستخدمون البريد الإلكتروني في أماكن العمل لأغراض شخصية حيث يتسوق واحد من بين كل خمسة عبر الإنترنت أثناءالعمل..! وقال المكتب في تقريره حول سوق الاتصالات لعامإن الكثيرين من البريطانيين يجرون مكالمات هاتفية ويتصفحون الإنترنت في الوقت الذي يشاهدون فيه التليفزيون أو يستمعون للإذاعة.. ممايجعل الوقت الإجمالي الفعلي الذي يقضونه في القيام بهذا ينخفض إلى ثماني ساعات ودقيقة أو مايزيد بعشرين دقيقة على أوقات نومهم..!! قبل قراءتي للتقرير كنت أعتقد أن الأوروبيين والأمريكان أقل ستخداماً للتقنية التي صنعوها لنا.. وأن لديهم قدرة على ترشيدها واستخدامهاللضرورة.. ولكن هذاالتقرير يكشف أن يوماً كاملا ًيقضيه البريطاني في تصفح هذه الأجهزة سواء كان في العمل أو المنزل أو في وسائل النقل.. ولكن الأهم أن التقرير يركز على أن وسائل التقنية تُسأل عن طغيان العمل أكثر فأكثر على الأوقات الشخصية للناس.. ولكن هل ينطبق ذلك علينا؟ هل يستعمل الناس هذه الأجهزة للعمل أكثر من الاستمتاع الشخصي؟ وإذا كان البريطاني لا يتبقى له سوى ساعات ونصف لينام ويتحدث ويقرأ من الإنترنت مايعجبه ويشاهد التلفزيون ويسمع الإذاعة.. فكم يتبقى لمن حولنا أن يناموا فيها بعيداً عن هذه الأجهزة وباسترخاء وهدوء..؟ وكم هي الآيام التي يحتاجها الشخص ليبتعد تماماًعن أي وسيلة اتصال مع الآخرين وبالذات في الإجازات... حيث ينبغي أن تكون إجازة فعلية وهادئة.. وبعيدة عن كل مسببات القلق التي تنقلها هذه الوسائل..؟ بالنسبة لنا تعايش الناس بقوة مع وسائل التقنية التي سلبتهم حتى النوم .. فأغلب من يدمنها تجده ينام وجهازه بجانب رأسه.. وكلما تقلب وخاصة لمن نومه خفيف فتح الجهاز ليرى ماوصله من رسائل أو واتس أو بريد أو مكالمات.. فيتيقظ ذهنه بسرعة مرتبطاً بماقرأه.. ولا يعودإلى النوم إلابصعوبة.. أما مدمنو تويتر والفيس بوك.. فسيقرأون ويعلقون ويتواصلون ..إنه إجهاد بدني وذهني قد يسبب فقداناً للذاكرة مبكرا كما تقول إحدى الدراسات المعمقة.. وللجوال واللوحي تأثير مستقبلي على التركيز لمايبثه من ذبذبات قوية تؤذي الذاكرة والمخ.. ولذلك من المهم التخلص من هذه الأجهزة قبل النوم بوقت وتركها في المكتب أو مكان بعيد عن غرفة النوم .. حتى تتمكن من الاسترخاء ومن ثم الدخول الى النوم وبالذات لمن لا ينامون بسرعة..!! والواقع أن المشكلة ليست في الأجهزة التقنية ولكن في استعمالنا لها.. وعدم احترام الآخرين عندما نتواجد معهم.. خاصة عندما يكون شخص مافي ندوة أو محاضرة أو في عزيمة وتجده مشغولاً بجهاز الهاتف دون أن يحترم أنه حضر هذه المناسبة.. للاستماع إليها... وقد يجيبك أنه يرد على أشياء مهمة أو يكتب.. الأكثر كارثية يقودون سياراتهم ويتحدثون طوال الطريق.. أو يكتبون أو يقرأون رغم خطورة مسار الطريق.. وهذه النقطة لم ترد في التقرير البريطاني ربما لأن عقوبة من يقود ويتحدث كبيرة جداً.. مادياً وجنائياً..!!! في العزاء تجدمن يقلب في جواله ولا يعتني بمن يدخل أو يخرج..الأطفال يمسكون بأجهزتهم في صمت ودون حديث..حتى التليفزيون قلت مشاهدته.. ويبدو أنه سيغيب ذات يوم..!! هل خلقت هذه الأجهزة عالماً افتراضياً وغير حقيقي..؟ ربما.. هل كرست بعض الوهم؟. ربما هل باعدت بين الناس رغم أنها يُفترض أن تقربهم؟ ربما هل ساهمت في اتساع دائرة المعرفة...؟ بالتأكيد. ولكن أي نوع من المعرفة؟ وهل هي معرفة نخبوية؟ أم معرفة سطحية كتكريس للسطحية..؟ هل أغنت البعض عن الآخر الحقيقي.. وخلقت آخر وهمياً ليصبح حقيقياً..؟
مشاركة :