دون أن تشعر يتم ذلك التداول السلمي داخلك.. ودون أن تخسر شيئاً.. كما تقرأ الصورة أنت.. يتم التغيير.. تبدو اللحظة وكأنها قصيدة فارهة المفردات.. جزلة الأسلوب.. عذبة التدفق.. من كتب القصيدة..؟ ومن ألقاها..؟ ومن أبدع في توقيت حضورها..؟ لم تنشغل بأسئلة لم تطرحها.. ولن تستقبلها.. فما بين الاستقبال والطرح خيط رفيع يمتد ليخلق ذلك التوازن في الصورة..! نعيش معتقدين أن تغيير الخرائط في زمن ما يحتاج إلى سنوات طويلة.. وأن رائحة الخوف التي تكتنز في المكان نحتاج لتبديدها عمراً آخر من أعمارنا..! وأن هذا الزجاج الإنساني الذي نحيا داخله سيتحول إلى فُتات إن حاولنا الخروج منه.. وأنه لابد أن نظل أسرى للصفحة الأولى.. والتي ينبغي تفنيد حروفها حتى نتمكن من الانتقال إلى الصفحة التالية.. قليلة هي الخيارات أمامك أحياناً ولكنها تنسج لك خيط الأمل إن حاولت البحث عنها.. ميزة الحياة أنها مسرح مفتوح للتعويض.. وروعتها أنها تتقبل تغيير الأبطال.. وتحويلهم إلى كومبارس.. ومن ثم إغلاق ملفاتهم.. لاتصدر الحياة الأزمات.. نحن من نصدّر لها أزماتنا.. ولا تخترع الأيام لنا تحديد شكل الإقامة أو انهاءها.. بل نحن من نصدر أوراق هذه الإقامة ونحن من ينهيها.. تمضي سفينة الحياة كما هي.. ولكن نحن من نجنح بها.. ونصرّ على الصعود إليها لندفعها إلى الغرق بنا.. ومع ذلك ونحن نحاول النجاة نتمسك ببقايا الرغبة في النفاذ من الجنوح لنتوقف بها.. ونعود إلى منتصف الطريق..! نخترع الحياة التي نريدها.. وننسج الايام التي تحاكي رغباتنا.. دون خوف.. ودون محاولة لتصدير صراعاتنا الداخلية للآخرين.. أو التخلص منها ومنحهم إياها.. سقف ماتعرفه عن نفسك دائماً مرتفع.. ودائماً عليك أن تبقى محافظاً على ارتفاعه.. مهما حاول أحدهم خلسة أن يقلل هذا الارتفاع بالسطو على أحد جوانبه..! نكتب ولكن هل نكرر أنفسنا؟ أحياناً نكرر دواخلنا ولكن لانكرر حروفنا.. نروي القواعد المتغيرة.. فالتاريخ لا يكرر نفسه.. نروي فقط ربما لأنفسنا.. لأنه لا يمكن تحييد النفس من الاستماع.. نروي حتى لا نكتفي بالانتباه.. نطوي المراحل وهو المعتاد.. نطويها ونحن ساكنون.. نطويها ونحن نرحل ونذهب بعيداً.. تتلمس داخلك وكأنك مسكونٌ بتلك الضرورة التي اعتادت أن تغلق المنافذ وقتما تشاء.. وتهدم الجدران الموحشة.. وتغيّب الوجوه الكئيبة.. ليشع النور.. ويشرق الأمل..! البعض لا يتغيرون لكن البعض الآخر.. يعيش التغيير.. ويعرف أنّ لاشيء ثابتا.. وأنّ عليه أن يتعدى نطاق كل ما هو مستهلك.. ويبحث عن الألق.. عن تلك الأمكنة الرائعة.. التي تحتويه.. وأن يصدّر الاستغراق فيها.. بفوائض روحه التي تحضر محملة بكل المشاعر لتطوف به حول حضوره فقط..! إنه النور يبدأ من أول النفق ويمتد ليؤثر فيك أحادياً.. ويعتبر كل وجود آخر لاغياً.. وفوائض تتعدى نطاق الاستهلاك.. تفاصيل الحياة ليست مركبة.. بل هي تتألف من أشياء صغيرة وبسيطة.. وظلال أنت تستسيغها ووجوه أنت تتذكرها.. وأجوبة انت تمتلكها.. وصور من الماضي لم تعد تلتفت إليها.. هي الماضي.. أما المستقبل فالطبيعة تبدو لك بحقائقها المورقة.. والمناخ درجة حرارته تمنحك الفرصة الكافية لتحدد سلوك الأشخاص الذين تنوي التعامل معهم بالدرجة التي تتحكم فيها أنت..! هل تريد أن تختصر كل شيء في ذاتك..؟ هل تبحث عن مشروع قابل للحياة.. بصياغة لغوية تختص بك، سقفها معرفتك لذاتك، وروحها خياراتك الحرة؟؟ ربما.. ربما.. ربما..!
مشاركة :