المعرفة وما يتبعها - نجوى هاشم

  • 4/14/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

معظم أمور الدنيا ترتبط ببعضها البعض وبالذات ما هو متشابك مع العلاقة بالآخر.. والمقصود بالآخر البشر بأطيافهم ومن نتعامل معهم كل يوم.. القريب والبعيد.. من نعرفه ومن لا نعرفه..! في طفولتنا تعوّد أهلونا على تحذيرنا من بعض السلوكيات التي عادة مايقوم بهاالأطفال عندما يحضر إلى المنزل ضيوف لا نعرفهم.. ويتسلم كل طفل قائمة شفهية من التعليمات التي عليه القيام بها والالتزام بتفاصيلها وعدم تجاوزها.. هذه القائمة التي تعذبنا بها صغاراً لم يعد أطفال هذا الزمن يعرفونها فالضيوف يحضرون بأطفالهم والأسر لم تعد تمنع أطفالها من الدخول لمجالس الكبار.. ولم تعد هناك تعليمات مصادفة أو ترتيباً.. وما بين أجيال تعلمت أن تنفذ وأجيال انطلقت كما تريد.. هل لا نزال مجتمعاً وأفراداً نتصرف كما يُراد لنا؟ أم أنّ كل شخص يتصرف كما يريد لا كما يمليه الآخرون عليه؟ أم أنّنا لا نزال أسرى ما سيقوله الناس علينا؟ في الحرية بمفهومها البسيط والخاص عليك أن تتصرف بما يرضيك وبما يريحك ويسعدك ولكن ليس على حساب حرية الآخرين.. أو تجاوزها أو الانتقاص منها.. تستطيع أن تكون كما تريد وتندفع نحو ما تريد وتعيش كما تريد ولكن في حدود مساحتك أو ما هو مسموح به لك أو ما يخصك.. ولكن هذا المفهوم لا يزال غامضاً وأحياناً ينصرف الناس عن فهمه ويعتقدون أن البحث عنه ومن ثم الوصول لطريق شائك ومحاولة استقرائه تحتاج إلى جهد وعناء.. وبالتالي يتوقفون عن التفكير في ذلك الطريق رغم أنه مُتاح أمامهم ومن السهل التحرك داخله..! آخرون يحاولون ويفكرون في العيش كما يريدون ولكن يكبلهم الآخر الذي يسيطر على حياتهم كما منحوه هم هذه السيطرة.. يخافونه ويرتعدون عند كل تفكير في عمل أو فعل ما.. ماذا سيقول عنهم.. وكيف ستكون ردة فعله؟ وهل ما يقومون به صحيح ويرضى عنه الناس؟ أم أنه سيغضبهم وسيلومونهم عليه لأنهم كان عليهم أن يتصرفوا بطريقة مختلفة..؟ وما بين إرضائك لنفسك وتلك المسافة البعيدة لإرضاء الآخرين.. أنت مطالب بالحسم.. وتحمل تبعات ما تريده ويسعدك.. فالأشخاص القادرون على الحسم لا يفزعون من النقد لأنهم مستعدون له جيداً ويعرفون أنه يمكن أن يكون مفيداً لكل الأطراف المعنية.. لذلك يتحملون تبعاته.. مقابل أن يعيش الإنسان على طبيعته وحسب تركيبته النفسية وظروف شخصيته بعيداً عن فرضيات الآخرين وتقليدهم.. وخبراء التنمية يختصرون لمن لا يجيد التصرف بإرادته وحسب رغباته ما ينبغي عليه أن يقوم به..! أولاً.. اعرف نفسك من أساسيات هذه الإستراتيجية التي تحافظ على الشخصية وتحميها من الذوبان في كيان آخر.. اعرف نفسك عن قرب وبدقة من خلال المواقف العفوية التب تمرّ بها فتتعرف على عيوبك ونقاط قوتك.. عصبيتك بدهيتك وغيرها من العوامل التي يمكنك عزلها عن حياتك اليومية..! ثانياً.. اختيار ما يريح.. فخلف عيني كل منّا تختبئ شخصية قد تختلف في بعض التفاصيل مع ما يظهر منها إلى العلن.. وفي الوقت نفسه التصالح معها ضروري جداً لاكتشاف السلام والراحة والسعادة في الحياة.. لذا كي يكون الإنسان نفسه وليس الشخص الذي يريده الآخرون أن يكونه عليه بالانتصار للخيارات التي تريحه ولا توقظ ضميره حين يخلد إلى النوم..! ثالثاً.. تعزيز المناعة.. حيث تعتمد الصحة النفسية على الحصانة ضد الانتقادات اللاذعة والتوجيهات والنصائح التي تعتبر أنها خارجة عن منطق الأخلاقيات والقيم العريضة وأن عدم التقيد بها لا يعتبر خرقاً للإنسانية.. وهو ما يسمى بتعلم إدارة الاذن إلى كل كلمة تسممك أو تشعرك بالذنب الذي لم ترتكبه أصلا ًولكن الآخر يسعى إلى تحميلك إياه..! رابعاً.. لن تتمكن من ملامسة شخصيتك على حقيقتها من دون أن تثق بها بأنها الخيار الصحيح وانّ الانتصار لها ودعمها وإظهارها إلى العلن هو رهانك الوحيد للنجاح الحياتي في شكل عام..!! خامساً.. عليك أن تعرف متى تكون نفسك؟ في كل تصرف وفي كل ضحكة وكل كلمة تنطق بها وأكثر في طريقة تحويل نظرك على الأشياء وطريقة سيرك وحركات يديك ونبرة صوتك.. لذا لا تحاول أن تتبنى تفاصيل شخصيات أخرى باعتبار أنها تعجبك وأنك تعيش حقيقتك في القضايا الكبرى..! وبين معرفتك نفسك التي سترشدك إلى ما تريده أنت عليك أن تعرف أنّ لك الحق أن تكون أيضاً حكماً على سلوكك الخاص بعد هذه المعرفة التي ستتحمل تبعاتها!

مشاركة :