عاطف فتيح يكتب : الهوية وحروب القوة الناعمة‎

  • 4/14/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الهوية الوطنية المصرية.. إن أكثر ما يؤلمني هو محاولة محو هويتنا الوطنية، التي كانت تميزنا بين سائر شعوب العالم كافة وأصبحنا أمة تغتصب عقول ابنائها. كيف اختفت الهوية الوطنية في مصر، وأصبح البعض وكأنه لا ينتمي إلى هذا الوطن الغالي الذي يمتد تاريخه إلى ما يقرب من سبعة آلاف عام.كيف أصبح بعض الشباب مُتشبعًا بهذا الكره تجاه بعضه البعض، بل وأحيانًا تجاه بلده ولا يشعر نحوها بالانتماء فيما مضى كان الفلاح المصري يزرع ليكسب قوت أولاده بالحلال، ولا يخجل من نفسهوالعامل في المصنع يتسابق لإخراج أفضل منتج ذو جودة عالية، ولا يخجل من عملهوغيرهم الكثيرين ممن كانوا يعتزون بما يعملون نتاج أيديهم دون أن يخجلوا من أنفسهم ...كان الكل يعمل على قلب رجلًا واحد، من أجل تقدم البلد ورفعتها وعزتها دون كلل أو ملل كان الهدف الاول والاخر هو الوطن. ولكن ما نراه الآن من محاولة السعي لبعض الأيادي الخارجية لتفكيك المجتمع .وخلخلة طبقاته هو ما سيؤدي إلى تلاشي الهوية الوطنية على المدى الطويل إن القوة الفاعلة في المجتمع الآن هي قوة الشباب التى تمثل نسبة 60 % من تعداد المجتمع ، ولكن ما أكثر الشباب الذي يعتمد على التقليد الأعمى من الغرب دون أن يفكر في ما يأخذه عنه، وهل ما يتم تقليده هو صواب أم خطأ ؟فأصبحنا نرى الشباب بيننا اليوم يرتدون الجينز المقطوع بل ويرتدون البناطيل الضيقة كالبنات ويظهرون جزءًا من الملابس الداخلية.ولم يقفوا عند ذلك فحسب، ولكن ذهبت الفتيات تقلدهم في ملابسهم.وتتنافس معهم في شرب السجائر والشيشة على المقاهي، ولم يعد الحياء موجودًا بين بعض فتيات اليوم، واختفت الرجولة من بين كثير من شباب اليوم أيضًا وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا والانترنت كل ذلك جعلت شبابنا كمتلقي لمنتج يدمر الأخلاق والمبادئ والحياة مثل لعبة الحوت الازرق التى يصل فى نهايتها الى الانتحار وهذا يدل على قلة الايمان وايضا يوضح فقدان الجانب الديني السليم فى المجتمع وكل ذلك كان بسبب " القوة الناعمة " التي يتم تصديرها إلينا من الخارج لتدمر عقولنا.وكل ما نبنيه بأيدينا لكي نصبح كائنًا معصوب العينين، مُستهلك غير مُنتجنُصفق لكل ما نراه دون أن نفهم أو نعي ما يدور حولنا ...إن القوة الناعمة ليست وحدها في الأفلام والمسلسلات ، ولكنها أيضًا تتمثل في الإعلام والأدب والمسرح والثقافة وكل أنواع الفنون التي تغذي العقل بمرور الوقتوتؤثر فيه تأثيرًا كبيرًا، هذا لأن تصدير بعض المشاهد تباعًا سيجعلك تؤمن بها ...فيما مضى كنا نؤثر في محيطنا العربي بتصدير كل ماهو قيم لنا ولهمأما الآن أصبحنا نستورد القوة الناعمةالتي تؤدي إلى تفككنا وتدمر عقول شبابنا من مسلسلات تركية وغيرها من تلك النوعياتإذا عُدنا بعجلة الزمان إلى الخلف قليلًا، لوجدنا أجدادنا من الفراعنة والملوك العظماءالذين صنعوا مجدهم بأنفسهم، وإذا تقدمنا بها قليلًا لوجدنا أُناسًا حفروا أسماءهم في عالم السياسة كـ أحمد عرابي، وسعد زعلول والكثيرينوسنجد من برَزت أسماؤهم في عالم الأدب كـ الأديب طه حسين، نجيب محفوظوعلماء سطعت أسماؤهم في سماء العلم، منهم الدكتور أحمد زويل، والدكتور مجدي يعقوبوالمهندس هاني عازر، وهناك العديد من الأسماء في مختلف المجالاتوالتي سُطرت أسماؤهم بماء الذهبوأضاءت بنورٍ في تاريخ مصر وقلوب المصريين قديمًا وحديثًا ...والان محمد صلاح يحفر اسمه فى قلب المصريين ومثل يحتذى به لدى الشباب المصرى والعربى ألم تسأل نفسك أين أنت من هؤلاء، ولماذا لا تترك بصمتك الإيجابية في تاريخ الحياة ؟بعد أن كانت لمصر الريادة في مختلف المجالات والفنون، حيث كانت تتنافس السينمات العالمية الثلاث هوليوود ومصر وبوليوود على جوائز الأوسكار ...أصبح الآن التنافس يجري على أشده بين هوليوود وبوليوودوتراجع دور السينما المصرية كثيرًا، بل أصبحت أداة تؤدي دورها في صناعة فساد أخلاقيات المجتمع، وتدهور حاله بسبب الاحتكار من البعضهذا بالإضافة بجانب ما يُصدّر إلينا من الغرب ...ولذلك وجه التنبيه من بعض السموم التي تُدس لنا في العسل بما يُعرف الأن بإسم" حروب الجيل الرابع " وقوتها الناعمة والتي تعمل على محاربتك عن بُعدالحروب في هذا الزمن ليست بالأسلحة كما كان سابقًابل أصبحت تعتمد على تصدير مشهدًا ما، وتوجيه عقلك في زوية آخرى حتى تقتنع بهلقد قرأت ذات يوم للكاتب عباس العقاد أنه يجب على الإنسان أن يأخذ من الغرب ما يفيدهوأن يترك ما يسبب له الضرر، فأصبحت عقيدة راسخة لي في كل ما أصبو إليه ...لقد خلقنا الله ولكل واحد منا دور يؤديه بإتقان، فكل شخص منا حلقة تُكمل الأخرىلكي نسعى ونجتهد ونبني، خلقنا مختلفين لنُكمل بعضنا البعض لأن الإنسان لايستطيعأن يعيش أو يبني دون الآخرولم يخلقنا للكسل والدمار، لايجب أن نصبح زومبي يمشي وراء كل موضة جديدة يراهاإن القوة الناعمة أثرت فينا على مدار السنوات الماضية دون أن نشعرفجعلت كل شخص يتصرف على هواه، وكيفما يشاء دون أن يعرف أين هو الصواب من الخطأكل دولة لها سلاحان يجب أن تتسلح بهما :أولًا : القوة الصلبة وتتمثل في القوة العسكرية، والتي يجب أن تكون درعًا رادعًا لأي عدو يفكر في احتلال أراضيك أو المساس بها ...ثانيًا : القوة الناعمة وتتمثل في الأفلام والمسلسلات والإعلام والأدب والثقافة بكل أنواعها والتي من خلالها يتم غرز كل الأفكار الوطنية للإنتماء إلى هذا البلدوأيضًا يمكن عرض الواقع الملموس من مشاكل وطرق علاجهاحتى يعود الوطن بكامله على قلب رجلٌ واحد، يعمل ليل نهار من أجل البناء والتنمية ودوران عجلة التنمية من الإنتاج والإبداع مرة أخرىالى كل شباب مصر اعتزوا بهويتكم وابتعدوا عن أهل الشر فهم أصل كل الشرور وفيروس تدمير مناعة العقول والمجتمع.

مشاركة :