واهم من يظن أن الضربة الأميركية البريطانية الفرنسية على سورية، هي من أجل الانتصار لحق الشعب السوري، ومعاقبة النظام على استخدامه السلاح الكيماوي ضد الأبرياء، فهو في الواقع السلوك ذاته الذي تنتهجه الدول الرأسمالية الكبرى من أجل اقتسام النفوذ، وهذا ما قاد العالم إلى كوارث الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن المنصرم.ويتساءل المراقبون، لم شُنت هذه الضربة في الوقت الذي كان فريق المحققين يستعد للتحقيق في ما إذا كان النظام السوري قد استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه في دوما أم لا؟ فلم لم يعط هذا الفريق الفرصة للتحقق من هذا الادعاء؟ كما أنهم (المراقبون) يرون أنه ليس من المنطق أن يستخدم النظام السوري هذا السلاح، وقد حقق انتصارات تعتبر كاسحة.ليس لأن نظام الأسد بريء من قتل شعبه خلال السنوات السبع المنقضية، بأبشع الطرق كالبراميل المتفجرة والقنابل والصواريخ وغيرها، بل منطق الحروب يقول ذلك، إذاً ما هو السر الكامن خلف هذه الضربة المحدودة، التي لن تغير من موازين القوى على الأرض، بل عملت على تقوية الأسد ونظامه، ولمعت صورته باعتباره بطلاً مقاوماً للعدوان الثلاثي؟الأمرلا يعدو عن كونه نمط السلوك الامبريالي بين الدول، وهو إعادة اقتسام النفوذ من خلال الحروب، والحصول على أكبر جزء من الكعكة السورية، وبالأخص منابع النفط والغاز فيها، إذ كانت الولايات المتحدة تأمل من خلال خططها ومشاريعها، أن تصنع شرق أوسط جديدا من خلال تفتيته واضعافه، وبالتالي التحكم به سياسياً واقتصادياً، إلا أن بروز قطب عالمي آخر أربك خططها، فعلى الأقل إذاً تفاوض وتبتز القطب الآخر، من أجل الحصول على جزء أكبر من الغنيمة.رغم أن الاتفاق المبدئي الذي تم التفاهم حوله منذ مدة، أن تحصل أميركا على العراق وتحصل تركيا على الشمال السوري، وتكون الثروات السورية والقواعد العسكرية بيد روسيا، وبقاء الأسد وعدم بقائه هو جزء من المساومة، إلا أن هناك لاعبا جديدا هو إيران الطامحة لمد نفوذ سياسي تحت غطاء طائفي في المنطقة.وبين تذبذب دونالد ترامب وبين إعلانه العزم على شن الضربة، جعله ملتزماً أمام العالم بوعده، رغم اعتراض بعض قيادات إدارته، فتم التفاهم مع روسيا على ضربة محدودة، بل أعطيت الفرصة لتنحية الطائرات السورية ووضعها في المخابئ، حتى لا يتم استهدافها وهي روسية الصنع.إننا ضد الاعتداء من أي جهة خارجية كانت على الشعب السوري، ويجب أن تنصب الجهود على الحل السلمي، من أجل أن يحصل الشعب على نظامه الوطني الديموقراطي، يتم فيه تداول السلطة، وانتخابات حرة ودستور جديد.osbohatw@gmail.com
مشاركة :