إنسان هذا الزمان (2-2) | مرعي مبارك بن محفوظ

  • 11/25/2014
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

إنّ الزمان هو الزمان، خُلق بأمر الله -عز وجل- فلا ذنب له فيما يحدث فيه من مصائب وأضرار؛ ولكن ما أفرزته البشرية الفاسدة، وما كثر في زماننا من الحاقدين؛ وبال على زمانهم، وهم أوتاد للشّر، وعنفوان للبغي، وقمة الطغيان؛ لأنهم لا يتركون الضحية بأي أسلوب من الأساليب الملتوية، إنهم يستدرجون ضحيتهم بشتى الأساليب وبكل الألوان، وإنهم يطلبون منا المشاركة في مهنتهم الدنيئة.. اللهم أعذنا وجنّبنا الحقد والحاقدين. وإنني لفي حيرة- وقد تصبح معي في هذه الحيرة- عندما نصدّق بأن هؤلاء المرضى قد أصبحوا من الصادقين في ابتساماتهم وتعاملاتهم، فعلينا أن نحذر من هذه الفئة، وقبل أن تُصدّق أو ترفض؛ عليك بأن تسأل إحساسك وتتأكد: هل صلح حال هذه الفئة المريضة؟ أم أنهم لا زالوا ماضين في حقدهم؟ وإنني أقول: إن قلب المؤمن دليله، وإن الحذر واجب، واعلم أنهم يتفاخرون بالضحية ويعتبرونها امتيازًا في أعمالهم، وغاياتهم، المنى عندهم في النيل من الكرامة ومن صلاح الأمة. إنني مندهش، وسوف تندهش معي وتقول: كيف تكونت هذه الفئة وترعرعت وقويت في هذا الزمان؟ مكر وخداع.. ضلال واستهتار، هل تريد النصيحة؟ اعف عن الزّلة، وطهّر القلوب الصالحة بالعفة والطهارة، وابتعد ولا تقترب من كل حاقد أو حاسد أو منّان، وعلينا أخذ الحيطة والحذر، وألا نعتقد الخير في هذه الفئة إلا إذا صلحت وصلح شأنها، وعلينا أن نلمس ونتلمس صلاح أمرهم. هذا هو زماننا.. وهذه مشكلة كبرى، فإنك ستجد نفسك في حيرة وذهول عندما تقابل هذه الفئة، إنهم يغدقون عليك الكلمات الناعمة، والعبارات الجميلة، ولكنك إذا نظرت في أعينهم فسوف تقرأ ما بداخل هذه القلوب المريضة، فعليك بأن تأخذ الحذر إذا أغدقوا عليك عبارات التمجيد فإن بداخلها مكرهم، وقد تشعر بأنهم يريدون إقامة علاقات ودّية معك، ويشعرونك بأنها علاقات تفيد كل الأطراف، وهم في الأصل بارعون في إغداق المكالمات الهاتفية للسؤال والاطمئنان على الصحة، ولكنهم أذكياء.. إذا أحسُّوا منك بالدهشة فإنهم يهدأون فترة ثم يعودون إليك ويعود إغداقهم بألسن يعلم الله -عز وجل- بمنطوقها ويقولون لك: نحن الأوفياء نحن المخلصون! ونقول: علينا وعليك بالتريث مع هذه الأصناف في هذا وذاك من قربهم أو بعدهم. وإذا أردنا أن نعرف كل إنسان على حقيقته، فعلينا بالتعامل معه بالدرهم والدينار وهنا سوف تكشف الحقائق، فإن رأينا الوفاء والصدق وأداء الأمانة، فسنقول: إن هذا الإنسان من الأوفياء، وإذا رأينا المكر والخيانة كما ذكرنا سابقاً؛ فعلينا الابتعاد بحقّ، وأن نُحذِّر ونُحذّر من هذه الفئة فإنها سمٌّ مغلَّف بالعسل، وإياك أن تنخدع بكلام الحاقدين المعسول، فإنهم لا يعرفون للحق وفاء، ولا للود مكانة، ولا للشهامة سبيلا. وأقول ناصحاً لكل حاقد: اتقِّ الله -عز وجل- مع من تتعامل معهم؛ فإن هم أعطوك الأمان وأصبحوا أمانة في عنقك، فإن خيانتهم ذنب عظيم عند الله -تبارك وتعالى- ولندرك أننا سوف نُسأل أمام الله -عز وجل- عن كل أمانة صغرت أو كبرت، في المال أو المجالس أو بالتلفظ، فكلنا أمانة بعضنا عند بعض. ولنعلم أن الأمانة: أمانة في الأعناق، وأن المجالس أمانة في أعناقنا؛ فلنحافظ على ما ائتمنا عليه. وليكن دعاؤنا: اللهم طهّر قلوبنا، واحفظنا، واجعلنا من الذين يؤدون الأمانة بحق، واحفظنا من الأخطاء، إنك على ما تشاء قدير. ولنعلم أن: الإمام الشافعي -رحمه الله- لخّص الكثير من الكلمات في مقولته: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا

مشاركة :