الشرف أيها الناس «1 - 2» | مرعي مبارك بن محفوظ

  • 12/2/2014
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

لو فهمنا معنى كلمة الشرف لأصبحنا كلنا شرفاء، إن الشرف ليس سلعة تُباع وتُشترى، ولكنه نبتة خيّرة متميّزة نخن نقطف ثمارها، وإذا أردت أن تعرف الشرف.. فالشرف: هو دينك، وهو شيمتك، وهو إنسانيتك، وهو أخلاقك، وما تقدمه من معروف لمجتمعك، هو بذل المعروف والصفح عن الأراذل، وهو التَّرفُّع عن الأحقاد، ولن ترتفع أيُّها الإنسان، ولن يأتيك الشرف بمالك أو جاهك؛ وإنما ترتفع وترقى ويأتيك الشرف ويلتصق بك كصفة وسمة غالية إذا أنت احترمت نفسك، وحافظت عليها من أيّ تصرفات لا تتفق مع المبادئ الإنسانية والإسلامية؛ فتحصل الرفعة والسمو. قد يعتقد كثيرون أن الشرف في إحراز المال، فينهج نهج جمع المال، ويريد أن يحصل عليه بكل السبل والطرق حتى ولو كانت هذه الطرق غير بريئة وغير شريفة.. ماذا تفعل بمال جمعته بغير شرف؟ أليس هذا غريبًا وعجيبًا؟ قيل لأحد السلف: إن فلانًا مات وترك وراءه مائة ألف درهم، فقال: ولكنها لن تتركه. ولكن لماذا كان الشرف سمة غالية؟ إن الرجل الشريف تراه عند كل من يعرفه شريفًا ومحبوبًا، وتشعر بالراحة وأنت تتعامل معه، وإذا قطع الوعد على نفسه لا يخلفه، يحب الخير ولا يتركه، حريصًا على أن يحترم نفسه، حريصًا على احترام الآخرين له، وأعتقد أن احترامه أولاً لنفسه من شأنه أن يجلب احترام الآخرين له بالطبع -إنه من الشرفاءـ وحتى الذين لم يتعاملوا معه تجدهم يسمعون عنه سمعة عطرة، وأفعالاً خيرة، وأعمالاً فيها من الصلاح ما يجعل الناس يحترمونه ويقدرونه، ودائمًا تجد أن احترامه يسبقه أينما ذهب، فيقدم له الاحترام والإجلال في حضرته وغيبته.. وهذا فضل من الله -تبارك وتعالى- فمن شهد له أهل الخير بالخير؛ فهو من أهله إن شاء الله تعالى. ولذلك يجب على كل منا أن يبذل جهده، وينفق ماله أو جاهه في سبيل الالتزام بالكلمة والوعد؛ ولكن قد يكون لهؤلاء الشرفاء فئة من الحاسدين والحاقدين، تجدهم يقللون من مكانتهم، وتلك طبيعة الحياة لدى السفهاء، ونقول لهم: امضوا أيُّها الشرفاء بعزة أنفسكم؛ فإن فيها عزة للنفس، ورفعة في المقام، ولا تهتموا بكل حاسد مريض. قال تعالى: «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ» (سورة الأعراف: 199) ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تَحَاسَدُوا، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، وَلا يَكْذِبُهُ، وَلا يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا -وَيُشِيرُ إِلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ- بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ. كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قد يتصور بعض الناس، ويعتقد أن التحايل والانحلال والمراوغة والكذب هي من صفات الرجولة؛ فنقول له: قد أدرك الناس ما تعني فلا تكذب؛ ولكن عليك أن تعلم الآتي: أولاً: إنه في قمة من الأوهام والتخيلات مَن يجعل المراوغة سلوكه، ومَن يتصوّر أنه بالكذب والمراوغة والتحايل يصل إلى مرتبة الشرف فهو خاطئ، فإن الشرفاء لهم سماتهم ومواصفاتهم التي تجبر المجتمع والحاقدين على احترامهم. وأمّا الكذبة.. فنقول لهم: قفوا فإنكم قد وصلتم بأنفسكم إلى مراتب الرذيلة والضياع؛ لأنكم موهومون بأكاذيبكم ومراوغاتكم، واعلموا بأن الناس يدركون ما تصنعون. ثانيًا: إن التصرف الذي لا يتفق مع مبادئ الحق والقيم الإسلامية القويمة هو تصرف أعوج ينتج عنه دمار الشخصية وإخفاقها في الوصول إلى صفة الرقي والتحضر والالتزام والتعامل الشريف. قال تعالى: «وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا» (سورة الأعراف: 58). ثالثًا: إن هذه الصفات من أصناف الكذب ممقوتة في الشرع، بغيضة في الإسلام، مرفوضة لدى الإنسان، ومن يتقمص شيئًا منها فقد عرض نفسه لسخط الحق، ومضى دروب الضلال والخسران.

مشاركة :