اعتبر الباحث أ.د سليمان بن علي الضحيان أن ظاهرة المشروعات الثقافية ظاهرة أصيلة في تراثنا العربي، محدداً بدايتها مع عصر التدوين في منتصف القرني الهجري الثاني، جاء ذلك خلال محاضرته التي ألقاها بعنوان (المشروعات الثقافية، مشروع ابن قتيبة أنموذجاً) ضمن ملتقى فكر بنادي القصيم الأدبي، مبيناً أنها انطلقت مع مشروعات تدوين العلوم في التاريخ الإسلامي، وعرج على أبرز المشروعات الثقافية في القرنين الثاني والثالث مثل مشروع ابن سحاق في تدوين السيرة، ومشروع الشافعي في تقعيد أصول الفقه، مروراً بمشروع الجاحظ في الأدب وغيرها. أما لماذا ابن قتيبة؟، فيجيب الضحيان: يعد ابن قتيبة أول عالم في التراث العربي كله كان صاحب مشروع ثقافي، يحمل رؤية شاملة لتكوين المثقف في عصره، حيث ألف ستة وأربعين كتاباً تنتظمها فكرة واحدة على حسب رأيه، وهي فكرة إعداد المثقف العربي المسلم المتضلع بالثقافة العربية الإسلامية. واستعرض الحركة الفكرية في العصر الذي عاش فيه ابن قتيبة قائلاً: إن للواقع الزمكاني بصماته في تشكيل عقلية الفرد، وقد تميز ذاك العصر بظاهرتين أولها بزوغ شمس الحضارة الإسلامية حيث نضجت العلوم العربية والإسلامية في مختلف التخصصات، وثانيها تموج الأعراق المختلفة والمذاهب الدينية والتيارات العلمية مما جعل المجتمع آنذاك يتميز بالصراعات الفكرية حول كثير من القضايا. موضحاً أن مؤلفات ابن قتيبة مازالت صالحة إلى اليوم لإعطاء المثقف العربي صورة متكاملة ومختصرة عن الثقافة التراثية.
مشاركة :