إبدعات البوابة.. "غمازتان" قصة قصيرة لـ"آية عبدالرحمن"

  • 5/11/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم يؤت سعةً من الوقت ليتفادى الكرة التى اعترضت خط سيره فجأة، انحرف بغير تفكير، فانقلب بدراجته، وتدحرج والحديد ينغرس فى لحمه مع كل ارتطام، حتى اصطدم بالحائط واستقر فى بركةٍ من وجع. زلزل الهلع قلبه إذ سمع صرخة سيده الناقمة، فأخفى عينيه وانكمش فى سقطته، ثم انهالت حوله لسعات الكرباج تضرب الأرض، وتعاقبه بفزعٍ عظيم. ازداد انكماشًا وتوسَّل بالصراخ والأنين، لكن سيده جذبه من ذيله بيدٍ كالحديد. كان يُسحل إلى منتصف الحلبة، والسلسلة الملتفة حول عنقه تشد الدراجة المُقيَّد إليها، فاستحالت صرخاته إلى حشرجات موتٍ وشيك، غير أن السيد أطلق ذيله، وسمح له بالتقاط نفسٍ واحد، ثم انهال عليه ركلًا، وراقبته أعين الأُسود بإشفاق وهى لا تجرؤ على التوقف عن القفز فى حلقات النار. تدفقت دموعه، واسترحم سيده بنحيبٍ حزين، لكن السيد لم يفهمه كالعادة، والتقط إحدى العصى المغروسة فى النار، واتجه إليه. كان الألم لا يزال يفتته وهو يقف مع إخوته، ويسمع مُقدِّم الحفل يُحيى الحضور، ويحاور السيد عن مهمته البطولية فى ترويض القرود البريَّة المتوحشة، والأُسود المفترسة، ثم انفتح الستار فخرجوا بعجلاتهم الصغيرة وسط عاصفة تصفيق روَّعتهم. بدءوا سباقهم، وحين انحنى ليضمن اتزانًا أكبر فوق دراجته، ارتفع ذيله فكشف عن ردفيه، وحرقين غائرين ملتهبين، بديا كغُمَّازتين غامقتين فى مؤخرته الحمراء. ضجَّ السيرك بالضحك، فحاول أن لا يُصغى لصوته المفزع، وركَّز فى القيادة، لأن غضبة السيد لن تكون مُحتملة العواقب.

مشاركة :