هل تنتقل عدوى إنتخابات مجالس طلبة الجامعات الفلسطينية من الضفة إلى غزة، تلك أصبحت أمنية شعبية ومطلب وطني من قبل كافة الفعاليات السياسية، رغم الفارق النوعي ما بين سلطة رام الله وسلطة غزة، ففي رام الله وسائر مدن الضفة سلطة حركة فتح ومن معها، إضافة إلى سلطة العدو الإحتلالي الإستعماري التوسعي الإسرائيلي، ومع ذلك تجري وتتم إنتخابات بلدية وطلابية ونقابية، بينما في قطاع غزة رحل الإحتلال من داخل قطاع غزة على أثر الضربات الموجعة للمقاومة الفلسطينية، ليترك غزة بعد أن أزال المستوطنات وفكفك قواعد جيش الإحتلال، وخلفه على أرض الواقع منظمة التحرير وأداتها السلطة الوطنية قبل إنقلاب حركة حماس وقرار حسمها العسكري في حزيران 2007، لتقود غزة منفردة منذ ذلك الوقت لأكثر من عشر سنوات، لم يتذوق خلالها أهل غزة طعم الإنتخابات ولم يشاهدوا صناديقها التي أُستعملت لمرة واحدة كي تصل حماس إلى سلطة إتخاذ القرار وحدها في كانون ثاني 2006، وبعدها سلامة تسلمك!!. حماس غيرت وثيقتها وبدلت برنامجها منذ أيار 2017، وإنتخبت قيادة جديدة تتسم بالواقعية والصلابة الوطنية، فقبلت بالمبادرة المصرية وشروط الرئيس محمود عباس، وصولاً إلى المصالحة التي تحققت بنجاح في القاهرة يوم 12/10/2017، ولكن فتح لم تتجاوب مع هذه التطورات ولم تثق بهذه التحولات خاصة بعد حادثة التفجير لموكب رئيس الوزراء يوم 13/3/2018، ولذلك رفعت شعار التمكين الحكومي الذرائعي، وأعلنت شعارها التعجيزي ” أشيل أو حماس تشيل ” وقد تكون تقديراتها صحيحة، وقد لا تكون، فكيف يمكن التأكد من تحولات حركة حماس؟؟.. وكيف يمكن التأكد من إستخلاصات حركة فتح..؟؟. الجواب هو خلال صناديق الاقتراع، فصناديق الاقتراع هي عنوان تداول سلطة إتخاذ القرار، وهي التي تمنح الشرعية وتجددها، وهي التي تفرز التعددية وتفرضها، ولهذا مصداقية حماس على المحك من خلال السماح لإجراء الإنتخابات بكل أشكالها وتلاوينها، فحركة فتح قدمت مصداقيتها من خلال الإنتخابات ونتائجها، فقد سلمت بنتائج إنتخابات المجلس التشريعي عام 2006، التي حصلت بموجبها على 45 مقعداً، بينما حصدت حماس على 74 مقعداً، وها هي إنتخابات مجالس طلبة الجامعات تقرر مصداقيتها وأبرزها وفي طليعتها جامعة بير زيت بحصول حماس على 24 مقعداً، وفتح على 23 مقعداً، في ظل سلطة فتح وأجهزتها وإدارتها في رام الله، والإحتلال على كامل الضفة الفلسطينية. وفي قطاع غزة، بعد تعثر الإنتقال من موقع المصالحة الناجحة التي تحققت في شهر تشرين أول 2017، إلى موقع الشراكة التي أخفقت والإنقسام مازال مفروضاً ومظاهره تُراوح مكانها، يحتاج الشعب الفلسطيني إلى طريق آخر بديل، وهو طريق الإنتخابات لفرض الشراكة المطلوبة، وتحقيق الثقة الضرورية المفقودة، ولتبدأ ذلك عبر الخطوة الأولى وهي إنتخابات مجالس طلبة الجامعات الخمسة في قطاع غزة لتنتقل إلى إنتخابات النقابات المهنية والعمالية، وصولاً إلى الإنتخابات البلدية الأكثر أهمية، والأكثر حاجة، والأكثر مصداقية، حتى تتحول البلديات لتكون عنوان التنمية والتطوير، وعنوان إستقبال المساعدات الدولية، بإعتبارها منتخبة وصاحبة سُلطة على الأرض، وتمتلك الشرعية، خاصة إذا تمت بمراقبة دولية مناسبة حتى تفوز بالتصديق وتحصل على المصداقية. يتباهى إسماعيل هنية رئيس حركة حماس بأن إنتخابات مجالس طلبة الجامعات في الضفة الفلسطينية نموذج يمكن أن يُحتذى في إجراء الإنتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني، وهو مثل ذاك الشخص الذي يتباهى بإنجازات جاره، بدلاً من أن يسير على نفس الخطى، ويفعل ما تفعله حركة فتح في الضفة الفلسطينية . مطلوب البدء في إنتخابات مجالس طلبة الجامعات في قطاع غزة، وصولاً إلى إنتخابات مجالس البلديات لتحقيق غرضين أولاً إشاعة أجواء الأنفراج والتعددية وتداول السلطة بدلاً من التفرد والهيمنة المتسلطة التي تتمتع بها حركة حماس منفردة، وثانياً خلق عوامل الثقة أن السلطة، سلطة إتخاذ القرار تعود لإفرازات صناديق الإقتراع، ومن يحظى بثقة الجمهور والمواطنين. لقد فشلت كافة مواثيق وإتفاقات إنهاء الإنقسام والإنقلاب والتمزق، وبات هذا الخيار مملاً من كثر وحجم الإتفاقات التي تم توقيعها منذ عام 2005 وحتى العام 2017، ولذلك ليتم الإنتقال للخيار الآخر وهو الإحتكام إلى صناديق الإقتراع وإفرازاته لمجالس طلبة الجامعات والنقابات والبلديات، وبعدها يمكن الإنتقال إلى إنتخابات المجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني، حيث يتعذر ذلك، وهذا يعود للطرفين وللظاهرتين : 1- تفرد فتح في إدارة منظمة التحرير وسلطتها في رام الله، و2- تفرد حركة حماس في إدارة قطاع غزة ومؤسساتها. h.faraneh@yahoo.com * كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.
مشاركة :