كلية الصبر (1) الصبر عن المعصية

  • 5/18/2018
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

هذه الكلية تقدم مقررًا مهمًّا جدًا وهو يمثل نصف مقرر الإيمان، ومعلوم أن الإيمان نصفه شكر ونصفه الآخر صبر، واليوم حديثنا عن كلية الصبر التي يزيد اهتمام الطلبة بها، ويسارعون إلى الالتحاق بها لينالوا الدرجات العلا، حيث إن الصبر ركن أساسي من أركان الشخصية المسلمة، والصبر على ثلاث مراتب: صبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، وصبر على البلاء، ولأهمية الصبر في دين الإسلام، اعتنى به عناية عظيمة، وعملت تشريعاته على تقديم العون، ورفع الحرج عن المسلم ليسهل عليه الاستفادة من مقررات هذه الكلية. ولو ذهبنا نسهب في مراتب الصبر، ونحاول أن نتلمس السبل الكفيلة بتحقيق النجاح الذي يؤهلنا لنكون من خريجي جامعة رمضان الإيمانية فنقول: لقد علم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بصعوبة مواد هذه الكلية، ولذلك دلنا على ما يعيننا على فهم هذه المواد وتحقيق الدرجات العالية فيها. وسوف نتناول بسط هذه المقررات فنقول: إننا سوف نتحدث على مدى ثلاث حلقات عن الصبر بأنواعه أو بدرجاته الثلاث، فنتناول قي الحلقة الأولى موضوع الصبر عن المعاصي التي يواجهها المسلم فيحصل صراع بين النفس اللوامة والنفس الأمارة بالسوء، فإذا انتصرت النفس الأمّارة بالسوء وقع المسلم في المعصية وصارت نفسه فاجرة، وإذا انتصرت نفسه اللوامة صارت نفسه نقية، وصدق الله العظيم: «ونفس وما سواها(7) فألهمها فجورها وتقواها(8) قد أفلح من زكاها(9) وقد خان من دساها(10)». (الشمس). ومن أجل تفعيل المسلم لنفسه اللوامة التي سوف تقوده لا محالة إلى خير، فإن عليه أن يستشعر حقوق الله تعالى عليه، وأن يتذكر ما أعده الله تعالى للطائعين من جزاء عظيم، وما توعد به العصاة من عذاب أليم، وعليه أيضا أن يختار من الأصحاب من يعينه على الطاعة، وينهاه عن المعصية، وعليه أيضا أن يعلم أن الحياة الدنيا لهو ومتاع قليل وأن الآخرة هي دار الحق. ومن رحمة الله تعالى وفضله على عباده أنه سبحانه يكتب لهم من الحسنات بقدر ما يواجهونه من متاعب في صرف أنفسهم عن المعاصي إلى الطاعات، وهو سبحانه يجازي على مجرد المحاولة، والجزاء عنده جل جلاله بقدر المشقة. ومن المعونة على الصبر عن المعاصي استشعار الصبر أنه محل رعاية الله تعالى وتكريمه حين اختاره من دون عباده ليجري على يديه الأسوة الحسنة للناس في الصبر عن المعاصي، ومن البلاء أن ترى طرق المعاصي ميسرة لك، وطرق الطاعة محفوفة بالعقبات، وذلك ليزيد الله تعالى لك من الأجر والمثوبة. واعلم أيها المسلم المبتلى أن الابتلاء دليل على محبة الله تعالى لعباده المؤمنين، قال صلوات ربي وسلامه عليه: «إن عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» رواه الترمذي، وقال حديث حسن عن أنس رضي الله عنه. فمن منا لا يتمنى أن يحبه الله تعالى، وأن يرضى عنه، وأن يكون بين الناس عنوانا على الصبر عن المعاصي، وأن يكون من المهاجرين الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عنهم: «المهاجر من هجر ما نهى الله عنه». متفق عليه/ جزء من حديث. ومن المعونة على الصبر عن المعصية أن يستنهض المسلم عزيمته في صرف نفسه عن المعصية، ولا شك أنه سوف يشعر بالصعوبة في بداية الأمر ولكن سرعان ما يعتاد على ذلك، ويسهل عليه بعد ذلك ترك المعاصي، وهذه رحمة من الله تعالى.

مشاركة :