كما توقعنا حتى الآن لم تتجاوز ردات فعل حكومة الملالي الإيرانية الصراخ والزعيق المتوتر بتشنج، ان دل على شيء فإنما يدل على ان حكومة طهران لم تتوقع ان تكون تداعيات الانسحاب الامريكي من الاتفاقية النووية بهذا الحجم. أطلق الرئيس الإيراني.. «روحاني» العنان للسانه بلا تحفظ دبلوماسي مفترض وهاجم بومبيو ليفتح لوزير خارجيته ظريف الطريق للبدء بذات الهجوم من التصريحات المنفعلة والمنفلتة بلا ضابط في وصلة ردح سرعان ما تلقفتها العالم والمنار والميادين واللؤلؤة وما شابه من قنوات احست بان الخطر يطالها نتيجة العقوبات التي ولاشك ستقلص التمويل والرعاية لمجموعات تعيشت وارتزقت على هذه القنوات التي دخلت هي الأخرى في ردات فعل صاخبة بخطابات شعبوية حماسية لم تقف فيها على رؤية تحليلية عميقة تضع استراتيجية لما بعد الانسحاب ولما بعد العقوبات التي طالت قيادات تموّل هذه الفضائيات. اللؤلؤة وهي قناة تمثل الذراع الاعلامي للوفاق المنحلة عطّلت خارطة برامجها المعتادة «نباحاً» على البحرين لتتفرغ في وصلة شتم جديدة لوزير خارجية أمريكا وللإدارة الامريكية. هذا الاسلوب لن يكون قادراً في المدى المنظور على الاقل على امتصاص صدمة العقوبات ونتائجها التي كشفت ردة فعل المنار واللؤلؤة والميادين والعالم ان حجمها وتداعياتها اكبر وربما اشمل من العقوبات السابقة وأشدّ حسماً. ففي فترة رئاسة اوباما وخصوصاً الفترة الثانية كان شهر العسل بين طهران وواشنطن طويلاً وسعيداً استفادت منه واستثمرته فلول الجماعات الخارجة عن القانون للتمرغ برفاهية في أموال التمويل الإيراني بعد رفع العقوبات وتوقيع الاتفاقية، وهو ما اصابها بعد ذلك بذهول انفعالي متشنج مع قرار الانسحاب وعودة العقوبات معطوفة ومضافة الى تراجع الميزانية الإيرانية نتيجة تورطها العسكري في عدد من البلدان العربية التي تدخلت فيها وموّلت ميليشياتها حتى راحت تنافس جيوشاً من حيث العُدة والعتاد. كما ان طهران وظفت ميزانيات ضخمة في ذروة ما اطلقوا عليه «الربيع العربي» لتأسيس منصات اعلامية كثيرة وكبيرة لمرحلة «القوة الناعمة» التي انفقت عليها حكومة الملالي المليارات ما بين التأسيس والتوظيف والتشغيل على مدار الساعة لسنوات عديدة كانت فيها جيوش العاملين والمرتزقة تتدفق عليها لتنال حصتها من الكعكة على حساب الشعب الإيراني الذي لم يستطع التحمل فخرج مؤخراً في احتجاجات صاخبة. امام هكذا حالة كان الانسحاب ثم سلسلة العقوبات فسحة لهذه المنصات الاعلامية للذهاب في نوبة نواح ووصلة لطم معاكس، فكانت الشتائم والسُباب هي الغالبة على برامج هذه المنصات التي تخشى كل الخشية من توقف التمويل بحجم كبير ما ينعكس سلباً خطيراً على من يديرون ويعملون في هذه المنصات التي «حلبوها» خلال السنوات الماضية وخصوصاً في فترة رئاسة اوباما وسنوات الاسترخاء والرفاهية. ولعلنا نذكر ما تسرّب من اخبار ومعلومات عن خلافات بين الجماعات المتمردة وهي خلافات مالية طفح فيها اتهام بالتلاعب والاختلاس لاسماء معروفة بينها كان التمويل يصل عبر حساباتها البنكية. واتجاه الأوضاع في العراق ما بعد الانتخابات لا يعطي لهذه الجماعات فرصة للبحث عن مصادر تمويل هناك ما يجبرهم على اقتسام ما تبقى من الكعكة وهو اقتسام اتسم باحتراب داخلي فاحت بعض روائحه وظهرت بعض ملامحه في طبيعة النشاط والفعاليات. هذه الحالة الضاغطة والمرتبكة في مراكز صُنع القرار في طهران وفي إدارة هذه المنصات الاعلامية الكثيرة ملأت الفراغ بردات فعل عصبوية منفلتة في الالفاظ الخارجة والمفردات الشاتمة وسباب الكلمات وطيش العبارات.
مشاركة :