مروة سعيد تكتب: الاحتفال بمصر

  • 6/12/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الزحام شديد، كل منا قابع في سيارته منتظرا الفرج، أنظر للساعة فأجدها الخامسة إلا ربعا، أفكر في الانسحاب من هذا الزحام الشديد باتخاذ أول u turn إلا أني أتذكر تأكيد أختى لي على الإفطار عندها اليوم، وأنا أعرف جيدا سبب هذا التأكيد، ترغب في أن أنزل معها هي وابنها لشراء ملابس العيد له، وأنا طبعا لا أرفض رغم الزحام الشديد، خاصة في الأيام الأخيرة من الشهر الكريم وتسابق الناس لشراء ملابس العيد لأولادهم رغم وجود متسع من الوقت طوال الشهر، يذكرني هذا بالطالب الذي ينتظر للحظات الأخيرة قبل الامتحان ليستذكر دروسه رغم وجود إمكانية للمذاكرة من بداية العام الدراسي.أخير وقبل أذان المغرب بدقائق أصل لمنزل أختي، تستقبلني بإفطار ضخم يكفي عشرة أشخاص، أقول لها إنه لم يكن هناك داعي لذلك، تبتسم قائلة "الدنيا صيام، كلي بالهنا والشفا".أسكت وأنهمك في تناول طعامها اللذيذ رغم كلام كثير داخلي أرغب في قوله، الإسراف مكروه وخصوصا في ظل ظروفنا الصعبة التي تستدعي تكاتفنا من أجل تقدم هذا الوطن، تسألني عن رأيي في الأكل فأرد "لذيذ كالعادة"، أسأل عن مصير الأكل المتبقي فتقول "هيترمي، مش بنكرر الأكل يومين وراء بعض في رمضان"، كنت متأكدة من ذلك، أخبرها أنه من الأفضل إعداد طعام يناسب عدد أفراد الأسرة فترد "إنتي عايزة تضيعي لنا احتفالنا برمضان" وكأن رمضان سيشاركهم الجلوس على الطاولة.بعد الإفطار أجد أختى تشاهد مسلسلا في تليفزيون غرفة النوم، وزوجها يتابع آخر في تليفزيون الريسبشن، بينما ولدها يشاهد أحد برامج المقالب على "يوتيوب"، أسألها متى تجتمع الأسرة كلها في غرفة واحدة، ترد مبتسمة: "خلينا نتفرج ونحتفل برمضان"، وكأن رمضان سيشاهد معهم كل هذه المسلسلات في نفس الوقت.ترتدي أختى وولدها ثيابهما، أنزل معهما للمحلات المجاورة للمنزل، الإقبال شديد على شراء ملابس العيد، الناس تصطدم ببعض أثناء المرور، ندخل أحد المحلات، يختار الولد تيشيرت عليه أحد أبطال الرسوم المتحركة الأجنبية، نسأل عن ثمنه ليرد البائع بثقة "800 جنيه"، نسأل عن سبب غلائه، يرد "أصله مستورد"، نسأل على أسعار ثياب أخرى، أفاجأ بهذه الأسعار الملتهبة، تخرج أختى المال لتدفع ثمن ما أختار ابنها وتقول "خلينا نفرح الولد بالعيد"، أطلب منها التمهل للحظات، أسأل البائع عن ملابس محلية الصنع، يشير لي على كُتب عليه "صنع في مصر"، أجد بضاعة جيدة جدا بأثمنة مناسبة، أسأل ابن أختى عما إذا كان يمكنه الاختيار من هذا الجزء فيرد بالإيجاب، يختار زيا جميلا لا يتجاوز ثمنه نصف ثمن المستورد، أخرج حافظة نقودي من الحقيبة، أحاسب البائع وأوجه كلامي له ولأختي "ممكن نحتفل برمضان والعيد، ونحتفل ببلادنا الجميلة مصر في نفس الوقت" يردان في آن واحد "ممكن طبعا".

مشاركة :