مروة سعيد تكتب: رجل المباراة

  • 6/17/2018
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

كانت كلمة "محجوز" تسيطر على كل الأماكن، أراها مكتوبة، مسموعة أو حتى بإشارة من شخص جالس بجوار الكرسي الخالي، أخرج من الكافيه وأركب سيارتي للبحث عن مكان آخر لمشاهدة المباراة، أنظر للساعة فأجد أن مازال أمامي نصف ساعة تقريبا، مازال هناك بعض الوقت، أفكر في العودة للمنزل ومشاهدة المباراة هناك إلا أنني أعرف جيدا أن أحلى ما في مشاهدة كرة القدم هو المشاركة، المشاركة في اللعب، المشاركة في التشجيع، المشاركة في التعليقات، أو حتى الاكتفاء بالنظر لرفيقك الذي تشاهد معه المباراة بعد أن يثبت لاعب غير مقنع بالنسبة لرفيقك نفسه فترمقه بنظرة تثبت له فيها خطأ وجهة النظر تلك.يقبل بائع أعلام على السيارة، يخاطبني "ِشجعي مصر"، أرفع علامة النصر وأشير له على العلم المعلق على الزجاج الخلفي، فيرد عليّ بنفس العلامة ويتحرك تجاه سيارة أخرى.أصل إلى مقصدي، كافيه آخر يمتلك حديقة فسيحة، أسأل النادل عن مكان قريب من الشاشة لمشاهدة المباراة، يبتسم ويشير إلى مكاني الجديد، أطلب عصيرا للتخفيف من حدة التوتر، أشعر أن اللحظة التي طالما انتظرتها قد اقتربت جدا، تأتيني رسالة على الموبايل فأجدها من أحد الأصدقاء يسألني أين أشاهد المباراة فأبلغه بمكان الكافيه فيخبرني أنه قادم بسرعة لأن كل الأماكن التي وجدها كانت محجوزة، يأتي العصير، أطلب من النادل إحضار كرسي لأضعه بجانبي فينفذ ما أطلبه ثم أقوم بوضع حقيبتي على الكرسي في إشارة لحجزه، قبل البداية بدقيقتين يأتي الصديق ويشكرني على حجز المقعد، أبتسم وأرد "ده واجب".تأتي اللحظة المنتظرة، لحظة ترديد السلام الوطني في روسيا، الدولة المستضيفة لكأس العالم، كلنا نتشارك في ترديد نشيد بلدنا بحماس ثم نختم بجملة "يا رب النصر لمصر"، يبدأ اللقاء، هتافات هنا، اعتراضات هناك، أمنيات بهدف نعوض به سنوات الغياب عن كأس العالم، كانت المباراة قوية، وكذلك التشجيع، تنساب الدقائق ولا أشعر إلا بالحكم ينهي شوط المباراة الأول وسط ارتياحنا بهذه النتيجة الجيدة جدا لنا والتي خيبت توقعات الكثير من المحللين العالميين الذين توقعوا هزيمة ثقيلة لمنتخبنا الذي نراه مُجيدا.أنهي العصير وأطلب قهوة لزوم التركيز للمتابعة بدقة، يبدأ شوط المباراة الثاني، يستمر الأداء الجيد من منتخبنا، تزداد أفق توقعاتنا بالخروج بنقطة التعادل مع اقتراب النهاية إلا أن هدف المنتخب المنافس يصيبنا بخيبة أمل كبيرة.يقل الحماس، يقول أحد المشجعين "لعبنا كويس، خسارة أننا مخرجناش بنتيجة إيجابية"، عنده حق، كانت النتيجة ستزيدنا حماسا المباراة القادمة، أشعر بالضيق لأننا كنا جيدين، وكانت دقائق معدودة هي الفاصل بيننا وبين التعادل.مع الاستعداد للرحيل يهتف الصديق "الشناوي رجل المباراة"، تعلو الابتسامات، فمع فوز الفريق المنافس كنا الأفضل، كان لاعبونا رجالا فاستحق أن يكون منهم رجل المباراة.

مشاركة :