مروة سعيد تكتب: مادة للسخرية

  • 6/23/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أتعجب كثيرا مما يقوم به كثير من الناس الآن، يجعلون من كل شيء مادة للسخرية ولا يأخذون أمرا على محمل الجد، كل تصرف، كل موقف، كل أمر، فقد أصبح لديهم هوس بذلك، يظل كل منهم يفكر في الإفيه الذي سيلقيه، أو الكوميك الذي سيصممه حول أهم موضوعات الساحة الآن، لم يعد أحد يفكر في عمله، في مستقبله، فيما سيصنعه لنفسه ليصبح ذا شأن، الأهم من ذلك كله السخرية من كل شيء.اشتهر شعبنا دائما بأنه "ابن نكتة"، يلقى بها في أسوأ ظروفه ليصمد أمام ظروفه الصعبة، إلا أن ما نفعله الآن تجاوز النكتة وصارت السخرية هي الأساس، زاد الأمر عن حده لتصبح النكات بغيضة، مملة، ومكررة. حقيقة أصبح هدف الكثير منا اللاشيء.حين أراقب ذلك أشعر بالأسي، فهذا الأمر لا يليق بشعب كان عظيما في يوم من الأيام، شعب أبهرت حضارته العالم واستفاد منها، لم نصدر يوما النكات والسخرية، بل كنا قديما نصدر الحضارة والرقي للعالم. أمام الآن ففي حقيقة الأمر أقولها وهي مرة في حلقي نحن نعيش على اجترار الماضي، على المتاجرة بما كنا عليه، والسخرية فقط مما نحن فيه دون بذل مجهود يذكر لجعل الحاضر والمستقبل أفضل. بصراحة شديدة أنا ألوم على كثير منا وخاصة شباب هذا الوطن ما نحن فيه الآن. فأي بلد لا تتحسن أحواله إلا بسواعد أبنائه، لذا كيف ستتحسن الأحوال ونحن نسخر فقط من حالنا.وما أثيره اليوم في مقالي حذرنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في أحد أحاديثه الشريفة، فقد وصانا بعدم كثرة الضحك لأنه يميت القلب "لاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ"، فالضحك يشغل الإنسان عن أموره الهامة ولا فائدة من وراءه، ولذا يجب علينا مجاهدة كثرة الضحك والانشغال بأمورنا التي سينصلح بها حالنا وتعود بالنفع عن مجتمعنا.لم أكن أرغب يوما في أن أتكلم بشكل قاسي على جزء من أناس يشكلون مجتمع أعيش فيه إلا أن حديثي هذا ينبع من حبي للمجتمع ولهم، فما رأيته على صفحات مواقع التواصل خلال الفترة السابقة فاق قدرتي على تحمله، وأن الأمر أصبحا مزادا ومن يصبح أكثر تفاهة هو الفائز، بالتأكيد هناك من يريد أن يجعلنا نسير في هذا الدرب إلا أن علينا أن نقاوم ولا نستسلم لتيار أضاع كثيرا من قبلنا. إن الوصول متأخرا أفضل من عدم الوصول أبدا، وفي هذه اللحظة الحرجة التي يتوقف عليها مستقبلنا يجب علينا جميعا الالتفاف حول الوطن ومساندته والوقوف جواره، والثقة في قيادتنا واتباع خطواتها للوصول ببلدنا إلى بر الأمان، فهذا واجب على كل مصري مخلص تجاه وطنه، فبلدنا لا تستحق منا أبدا أن نجعلها منها مسخة.وسأظل أكررها، علينا أن نفيق قبل فوات الأوان حتى لا نندم في وقت لا ينفع فيه الندم.

مشاركة :