سلاح فعال في عصر التكنولوجيا الحديثة لا يستخدم إلا في تسويق فكر البلطجة والإرهاب للطبقات والشرائح المختلفة من المجتمع، فباتت الدراما المصرية التى تعتبر أهم أذرع القوة الناعمة للدولة تبث فنًا هابطًا يتنوع بين القتل وتعليم الشباب والأطفال البلطجة والدعوة والتسويق للخمور، وبث نظرية المؤامرة للعالم الخارجي.هل يعي صانعو الدراما المصرية أنها الأهم بين نظيراتها في الشرق الأوسط إذ تحظى بأكبر عدد من المشاهدة فى كافة الوطن العربي؟ فمتى يكفون عن انتاج الأفلام والمسلسلات التي بلا محتوى ولا تهدف سوى تحقيق أكبر مبيعات ومشاهدات بغض النظر عن جدوى ما تقدمه وآثاره على المجتمع سلبيةً كانت أم إيجابية؟.تمحورت الدراما هذا العام فقط في الترويج للإرهاب المستشري في بلدنا بصورة مخيفة للمشاهد وأخرى مفزعة للأجانب حول استقرار بلداننا حتى ظن أحدهم أنهم استوقفوا حياتنا لما رأوا في تلك الأعمال!، لا أنكر ما تبذله القوات المسلحة وجيشنا الباسل متعاونا مع جهاز الشرطة في القضاء على ظاهرة الإرهاب، ولكن أنكر تسويقها بهذا الشكل المبالغ فيه في ما يزيد عن ثلاثة أعمال درامية تبث نظرية المؤامرة.أما الأول "كلبش" فقد صوّر صانعي الإرهاب بالشبح الذي لا يُطال وقد أحدث من الخسائر فى صفوف الشرطة ما يتعجب له العقل!، ثم تتبعه الحبكة الدرامية التى ولابد أن تنتهي بانتصار الخير على الشر لإراحة المشاهد ولم يختلف كثيرًا عن أبو عمر المصريّ أو عوالم خفية الذي تناول قضية تجار الدين والتلاعب بعقول الشباب.لم تخل الأعمال الدرامية منذ نشأتها من محاربة تجار الدين والمنافقين والأفاقين، ولكن ما نخشاه أن تختلط المفاهيم لدى عامة المسلمين بين هؤلاء وكبار العلماء فيضربون الحابل بالنابل فيصبح الخوض واحدًا!، فتتلوث عقول شبابنا وأبنائنا بأن كل من التحى والتزم بتعاليم الدين هو أفاق أو منافق أو إرهابي!.ولكن المحزن في الأمر أن ترى في بعض الأعمال تصوير بعض الدول العربية والإسلامية بأنها مصدر الإرهاب ومصدريه لبلدنا مخالفا بذلك القوانين والعلاقات الدولية والتي قد تضر بالمصالح السياسية فيما بعد، فصديق اليوم عدو الغد والعكس في العلاقات الدولية السياسية. فإذا ما قارنّا بين ما تقدمه وحققته الدراما التركية أو الهندية بنظيرتها المصرية، ستجد ما يدمي القلب ويدمع الأعين، فمن نجاح وغزو لكافة الثقافات العالمية إذ تنفق الهند من ميزانيتها العامة للحفاظ على نجاح قوتها الناعمة فضلا عن تركيا التي أصبحت أعمالها في كل بيت عربي ومصريّ والتي غزت 11% من سكان العالم ينتظرون ما هو جديد من الأعمال الدرامية التركية.ففي مسلسلها الشهير والذي أصبح محض حديث أغلب سكان العالم "أرطغرل" تُروج المدعوة لنظرية المؤامرة على تركيا من العالم الخارجي إذ نجحت في إيهام المشاهدين والشعب بما تبغي وتفوقت في استخدام سلاحها الناعم وتحقيق غاياتها، وعلى النظير لا نجد سوى نوعية الدراما الرومانسية أو البلطجة إلا ما رحم الله من أعمال هادفة.حرب تدعى الجيل الرابع تتسابق دول العالم فيها لإثبات جدارتها مستخدمين سلاحًا فعّالا فيها دون قتل أو صوب ألا وهو "القوة الناعمة" فباتت الحرب فكرية وعقلية بدلا من كونها جسدية وتدميرية، فإصابة الفكر أخطر من إصابة الجسد، فمتى تصبح الدراما المصرية سلاحًا فعّالًا لترويج أهداف سياستنا الخارجية؟.
مشاركة :