لا تكاد تمر فترة زمنية، ولا نكاد نعيش أحداثاً أو مواقف في بلادنا إلا ويزداد الإصرار والتأكيد على حب الولاء والانتماء لهذا الوطن الذي نهلنا من معينه، واستنشقنا عبيره، ونعمنا بخيراته. حين نقلب أعيننا يمنة ويسرة في الدول المحيطة بنا نستمد العبرة، ونستلهم الدرس في كيف يجب أن نحب الوطن وأهله، ونضحي من أجلهم، وفي الوقت نفسه نقترب من بعضنا البعض ونسعى لخدمة المجتمع بما يحقق الآمال ويلبي الطموحات. أقول هذا الكلام وأنا أستعرض، فرحاً ومزهواً، عدداً من الصور الجميلة، وأقرأ عبارات نابعة من قلوب مخلصة كلها تعبر عن فرحة أهالي جازان بعودة الفتاة (رهام) إلى دارها بعد أن منّ الله عليها بالشفاء وتخلصت من آثار الدم الملوث بفيروس الإيدز. استقبل أبناء جازان، وهم شريحة مهمة في تركيبة المجتمع السعودي، ابنتهم في المطار استقبالاً حافلاً ونظموا مسيرة رافقتها من المطار إلى مقر دارها. قوافل من السيارات وفئات متعددة من المواطنين. ألعاب نارية وأهازيج. ابنة جازان عادت إلى دارها سليمة معافاة، وكانت خلال غيابها وعلاجها الشغل الشاغل لأهلها وأبناء منطقتها الذين ما فتئوا يتابعون أخبارها أولاً بأول. حمداً لك يا رب أن من بيننا من أبناء الوطن في جازان وغيرها من لديه هذا القدر من الإحساس بالوطنية واللُحمة والتواصل. ويزداد حمدنا وشكرنا حين نرى أن من حوالينا يقتل بعضهم بعضاً وهم أبناء وطن واحد. لا يفرقون بين طفل وشيخ ولا رجل وامرأة. يطلقون النار ويستخدمون الأسلحة الفتاكة لتحقيق أهداف غير إنسانية وبعيدة عن مصلحة الوطن وأهله. نحن في جازان ومع (رهام) نقدم للآخرين صورة مشعة لما تربى عليه أبناء هذا الوطن وعاهدوا الله على الوفاء به وهو ( نحن إخوة وأبناء وطن هدفنا واحد ومصيرنا واحد). (رهام)، وهي تزف من مطار جازان إلى دارها وسط حشود من أبناء منطقتها لا نشك في أن هذه الصورة والذكرى لن تفارق مخيلتها، ولسان حالها يقول، مثلها مثل جميع إخوانها وأخواتها: ما أسعدنا بوطننا ومواطنينا وكلنا معاً في السراء والضراء، وسنبقى إن شاء الله الحصن الواقي من الكوارث والفتن، والمتصدي لكل معتدٍ وآثم. حمداً لله على سلامتك بنت بلادي وأقر بك أعين أهلك وذويك، وشكراً لكم أبناء جازان على ما عبرتم به من مشاعر هي مشاعر كل سعودي في فرحته بسلامة أبناء وطنه وحرصه على كل ما فيه الخير لهم.
مشاركة :